لكل السوريين

يوم لإدانة الإبادة الجماعية

لطفي توفيق

بعد غدٍ

يوم عالمي لإدانة جرائم الإبادة الجماعية.

قد يتذكّر العالم في هذا اليوم..

الحملة الكاثوليكية على جماعة كاثار.. الدينية المسالمة..

رأت فيها الكنيسة الكاثوليكية تهديداً لها.

فقامت بحملة ضدها عام 1209.. استمرت لمدة 20 عاماً..

وتركت خلفها عشرين ألف قتيل.

وقد يتذكّر.. غزوات تيمورلنك وجنكيز خان

وإبادة المغول لكل القبائل والدول التي وقف بوجههم.

وقد يتذكّر

الإبادة العثمانية للصرب بعد معركة كوسوفو عام 1389..

وربما يتذكّر إبادة العثمانيين للأرمن.

كل ذلك.. وغيره الكثير..

كان قبل أن تعتمد الأمم المتحدة اتفاقية تجريم الإبادة الجماعية.

وتعتمد معاقبة مرتكبيها عام 1948..

وقبل أن تعرّفها بأنها ارتكاب أي عمل..

يهدف إلى الإبادة الكلية.. أو الجزئية..

لجماعة ما على أساس القومية.. أو العرق..

أو الجنس.. أو الدين.

وحسناً ما فعلت الأمم المتحدة.

وحسناً ما فعل الذين بذلوا جهودهم..

لتعتمد الأمم المتحدة هذه الاتفاقية.

ولكن…

هل وضعت هذه الاتفاقية حداً لجرائم الإبادة الجماعية.

وهل قللت من فرص حدوثها..

ومن معاناة ضحاياها.

ما من عاقل يصدق ذلك.

بالأمس.. كان القتال بالسلاح الأبيض..

وكان المقاتل بحاحة إلى قلب جسور.. وبنية قوية.

وكان القتل بالعشرات.. وبالمئات..

ونادراً.. بالآلاف.

واليوم.. صار القتال بالسلاح الأسود..

وصار المقاتل بحاحة إلى قلب ميت.. وبنية هلامية.

وصار القتل بالآلاف.. وبمئات الآلاف..

ونادراً.. بالمئات.

فاليد السوداء..

التي تضغط على أزرار القنابل الذكية

أو الصواريخ العابرة للقارات..

والعابرة للأخلاق..

ليست بحاحة إلى قلب جسور.. وبنية قوية

بل هي بحاحة إلى قلب ميت..

وبنية هلامية.. وضبابية.

وإلى شراسة أتقنتها.. وتتقنها الرأسمالية المتوحشة..

سيدة الحروب.. وسيدة القتل والقمع.

ورائدة الإبادات الجماعية.

ومن المضحك والمبكي في آن..

أنها تتسيّد منابر الدعوة لحقوق الإنسان

ومنابر الدعوة لتجريم الإبادة الجماعية.

هذا ما يتعلّق بالقتل الجسدي.. والإبادة.. والتشريد.

فماذا عن القتل النفسي.. وإبادة الحلم بحياة كريمة..

ووأد البسمة على الشفاه الغضّة.

هذا ما لا تهتم به الأمم المتحدة..

ولا الأمم المتفرقة.

ولعل قول جبران خليل جبران بهذا الصدد..

يغني عن أي قول:

وقاتل الجسم.. مقتــــول بفعلته

وقاتل النفس لا تدري به البشر.