لكل السوريين

الفن التشكيلي السوري

يعتبر الموروث العظيم للحضارة السورية عبر العصور، الدافع والملهم الأساسي لنمط وشكل الفن السوري المعاصر، عبر تنويعات رائعة ومبتكرة في العطاء والمنتج التصويري والنحتي بعد العقود الخمسة المنصرمة من القرن العشرين الميلادي.

وبكل ثقة يمكن القول أن الأرض السورية، منذ العصر الحجري الحديث تحفل بنماذج بديعة وغنية للنتاج التشكيلي، الذي تطور ونما عالياً مع مرور الزمن(أول صياغة فنية لتمثال ربة الخصب والجمال في القرن السادس قبل الميلاد في تل المريبط على الفرات في الرقة)، عبر حضارات متنامية ومختلفة ولاسيما الحضارة الآرامية في بلاد الشام، ولا شك أن الحضارات السورية المختلفة قد خضعت في جزء من تطورها للنفوذ الأجنبي مثل، نفوذ الفرس، واليونان، والرومان، والبزنطيين.

لقد دلت التنقيبات الأثرية بمكتشفاتها العظيمة في سورية، بجلاء على تطور أشكال الفن التشكيلي في العهود السورية القديمة، وأن مكتشفات علماء الآثار السوريين تظهر تطور هذا الفن في الزمن السوري الغابر، وتبرزز خصائص هذا الفن  وقيمه التعبيرية والجمالية التي كان يتمتع بها .. ومنذ أكثر من مئة عام نهضت الحركة التشكيلية في سورية، حيث مرت هذه الحركة بمراحل ثلاث، مرت بمنعطفات تاريخية واتجاهات فنية خضعت لها هذه الحركة.

ومن خلال ملاحقة وتتبع الحركة التشكيلية السورية في العصر الحديث نجد انها مرت في ثلاث مراحل، كما أسلفنا، وفقاً للانجهات الفنية التي عرفتها ومرت بها وسلكتها، علماً أن المنتج الفني الذي قدمته هذه الحركة في تلك المراحل الثلاث، التي لايمكن حصرها في أي شكل من الأشكال في ظروف تاريخية أو سياسية محددة، لأنها وبصراحة لم تأتِ وليدة لهذه الظروف وحسب، بل أنها جاءت نتيجة تطور الوعي الثقافي في سورية، والنمو الفني الذي دانت وخضعت له هذه الحركة.

ومن خلال البحث والتقصي نشير إلى أن المراحل الثلاث التي نشأ وتطور الفن التشكيلي السوري في ظلها، فهي:

مرحلة الاهتمام ودراسة المذاهب الفنية الأوروبية، مثل المدارس الفنية التالية: المدرسة الفنية الكلاسيكية، المدرسة الفنية الرومانسية، المدرسة الفنية الواقعية، والمدرسة الفنية الانطباعية، وتحتل هذه المرحلة النصف الاول من القرن العشرين المنصرم.

– المرحلة الثانية هي، السعي من قبل الفنانين التخلص والتحرر من أسر المدارس والاتجاهات الفنية الغربية التقليدية وتطلعهم نحو آفاق وصيغ مستحدثة، مثل التعبيرية، والتكعيبية، والسريالية، والتجريدية، والمستقبلية وغيرها، وميلهم إلى صبغ تستلهم واقع التراث المحلي، وكانت هذه المرحلة قد امتدت من خمسينات القرن العشرين المنصرم إلى السبعينات منه.

– والمرحلة الثالثة هي، التي نضجت فيها تجارب الفنانين التشكيليين السوريين السابقة ونضجت فيها حركات واتجهات طيبة وجديدة، تمتلك خصوصيتها، رفدت التجارب المعاصرة لها واشتركت معها في حداثة لغتها وتطور أدواتها ومفرداتها، وسادت هذه المرحلة الربع الأخير من القرن العشرين الماضي.

وفي بداية الألفية الثالثة الميلادية، كان للحركة الفنبة التشكيلية السورية آفاق مستقبلية واعدة، لولا تلك الأحداث والمصائب التي مرت وما زالت تمر بها سورية.