لكل السوريين

طقوس وثقافة العرس والخطوبة عند أهل “الرقة”

(الجزء الثالث والأخير)

قبل يومين من زفة العروس (الرقاوية) إلى بيت زوجها عند عرب زور “الرقة” وريفها، يرسل أهل العروس جهازها من بيت أبيها إلى بيت عريسها، وعناصر هذا الجهاز يتكون من فرش يسميه أهل الرقة(دواشك) ولحف ووسائد وصندوق حاجياتها والبساط العجمي إن كانت العروس من عائلة ميسورة، حيث أن هذا البساط يعطي قيمة كبيرة للجهاز وفخر للعروس أمام زوجها وأهله، وجهاز العروس يسمى في اللهجة الرقاوية (الزهاب) هذه المفردة تعني حاجيات العروس الشخصية والهدايا التي يمنحها الوالدين لابنتهم أثناء زواجها وانتقالها إلى بيت زوجها الذي هو بيتها الجديد. وجهاز العروس يتم نقله في يوم الزفة والبعض يرسلونه إلى بيت الزوجة الجديد قبل يومين من الزفة.

أما طقوس الحنة تقام قبل يوم الزفة ضمن مسيرة احتفالية مشياً على الأقدام من بيت العريس إلى بيت العروس إن كانت العروس من ضمن الحي، أو بواسطة السيارة إن كانت العروس من قرية بعيدة، وبعد هذه الاحتفالية بيومين تُزف العروس من بيت أبيها إلى بيت العريس، وتردد النسوة أنشودتهن المعهودة وهن يرافقن العروس إلى بيت زوجها، قائلات:

(يا عروس لا تبجين كبلج بجينا وهذي كتبت الله علينا)

وتكون الزفة على النحو التالي: سابقاً قبل مائة عام من الآن كانت العروس تُزَفْ على ظهور الخيل، ضمن احتفالية كرنفالية جميلة، مثل الطراد على الخيل ولعبة الحوري، وهي تشبه لعبة الهوكي على العشب ولكن من على ظهور الخيل حتى وصولها إلى بيت عريسها، وكان هذا البيت في السابق الخيمة العربية (بيْت الْشَعَرْ)، حيث كان يتم تزيينه من الداخل وينصب داخله (الْبرَازْ) كأن نقول عش الزوجية.

وطريقة الزَفْة الثانية كانت تتم بواسطة العربات الخشبية التي كانت تجرها الخيول، وبنفس الطريقة الأولى التي تم الحديث عنها سابقاً.

وفي الفترة التي بدأ فيها عرب زور الفرات بالاستقرار، كانت العروس تقاد مشياً على الأقدام من بيت أبيها إلى بيت عريسها بعد صلاة العصر، ضمن احتفالية غنائية جميلة، يرافقها عزف على الزمارة والنقر على الدف, وحين الوصول إلى بيت العريس، وقبل أن تدخل العروس إلى غرفتها تُكسر كأس زجاجي على عتبة الغرفة ثم تدخل إلى عش الزوجية ترافقها أختها أو والدتها أو صديقاتها يؤنسانها حتى دخول العريس عليها ليلة (الدخلة)، حيث يخرجن ويتركن الدار لأهلها والعروس لعريسها، وبعد الدُخلة بساعتين على الأقل، تكون أم العريس متأهبة للانقضاض على العروسين بعد فتح الباب لرؤية (الملطخة) بالدم، كدليل على عذرية العروس، وبمجرد رؤيتها من قبل أم العروس عندها تبدأ بإطلاق الزغاريد (الهلاهيل)، وإطلاق الرصاص من قبل أهل العريس، حيث يتم الانتصار على الحاضر المجهول.

وفي اليوم الثاني يقوم أهل العريس بذبح النعاج وإقامة وليمة الثريد التي تسمى بـ(الصبحة) لأنها تتم صباح اليوم الثاني من زفة العروس. أما في زمننا الحاضر، فإن طقوس وطرق الزواج في “الرقة”، فهي تتقاطع مع كل طقوس الزواج في المدن السورية الأخرى..

اليوم زيارة العريس والعروس ثمنها باهظ، لكن في الماضي كان أهل “الرقة” يزورون (العروسين) ومعهم طبق من (السياييل) المغموس بالسمن العربي أو بعض السكاكر الحلوة، وهذه الزيارة حلوة بحلاة سكر الشوايا اللذيذ.