لكل السوريين

ثقافة طقوس الخطوبة والزواج في الرقة ووادي الفرات

الجزء الثاني (2)

وبخصوص هذا النوع من الزواج (زواح البديلة) رأى الكثير أنه زواج مشكوك في شرعيته وقانونيته، ولتفادي مثل هذه الشكوك، لجأ الكثير ممن يتزوجون بهذه الطريقة، إلى دفع مهر (سياك) متفق عليه بين الاثنين، ولكن بعد الزفاف يعيد كل منهم للآخر هذا المهر، وهذا يعتبر نوع من الالتفاف والتحايل على الشرعية وعلى القانون، وفي أيامنا هذه بَطُلَ هذا النوع من الزواج، رغم وجود بعض آثاره في البيئات الفقيرة.

النوع الثالث من الزواج، هو أن يبدأ البحث من قبل الأب عن زوجة لابنه ضمن الأسر التي تربط أسرته بها علاقات زواج سابقة، وفي حالة عدم توفر أي فتاة تكون زوجة تصلح لابنه، يصار إلى تأخير الزواج إلى حين العثور على الفتاة المناسبة، وعند البدو يكثر هذا النوع من الزواج، ومن الصعب جداً على الشاب أن يطلب من أسرته خطبة فتاة كان قد تعرّف عليها سابقاً أو لاحقاً.

وتتم المفاوضات حول هذا النوع من الزواج، أو غيره من أنواع الزواج العادي الذي يتم بطريقة الخطبة ودفع المهر (السياك)، ثم بعد ذلك كتب الكتاب او “كضب العجد) بطريقة هادئة لكنها قد تستمر لفترة طويلة، ففي البداية يقوم والد العريس بالتلميح أمام والد الفتاة المُراد خطبتها، ثم نراه بعد ذلك يتحدث مع زوجته ولأول مرة، وفي حالة الاتفاق تبدأ الاستعدادات، ويتفق الوالدان على المهر (السياك) الذي يجب أن يدفع لأسرة الفتاة، وقد يكون المبلغ كبيراً إذا كان العريس من عشيرة غير عشيرة العروس، وقد يتحمل العريس كافة المصاريف، أما العروس فلا تحصل من هذا المهر إلاّ القليل النادر عند عرب زور “الرقة” وريفها.

ولكن عند بدو (عنزة) قد يستخدم كامل المبلغ لشراء اللوازم البيتية التي ستأخذها العروس إلى بيتها الجديد، وهذه اللوازم عند عرب زور الفرات والريف، تأخذها العروس من بيت أبيها إن كان غنياً أو حتى ميسور الحال.

وبعد أن يتم الاتفاق على الزواج ودفع المهر تقرأ الفاتحة، ثم كتب الكتاب بحضور الشيخ ووالد العروس والشهود ويسميه أهل الرقة (كضب العجد) كما نوهنا في ما سبق من كلام، وقد يظل هذا العقد (العجد) دون تسجيل في المحكمة حتى فترة طويلة.

بعد فترة تقام الاحتفالات في بيت العريس عند عرب زور الفرات سواءً كانوا فلاحين أم رعاة الماشية، وهناك تقارب كبير مع سكان مدينة “الرقة’ في طريقة الاحتفالات، لكن عند البدو تقام الاحتفالات في بيت العروس، وتدوم احتفالات الدبكة على أنغام الزمارة عند أهل “الرقة” لأكثر من أسبوع، ويكون الاحتفال مختلطاً رجالاً ونساء عند عرب زور الفرات الرقي وفي عموم الريف الرقاوي، لكنه عند البدو غير ذلك، وطقوس الاحتفال عندهم تختلف عن طقوس الريف الرقي.

وقبل يومين من زفة العروس إلى بيت زوجها عند سكان أهل “الرقة” وريفها، تقام طقوس الحنة ضمن مسيرة احتفالية مشياً على الأقدام من بيت العريس إلى بيت العروس إن كان العريسان من نفس المدينة أو البلدة أو القرية، لكن إن كانت المسافة بعيدة بين أهل العريس وأهل العروس، تتم طقوس الحنة بواسطة، إما العربة الخشبية قديماً او بواسطة السيارة حديثاً، وبعد هذه الاحتفالية بيومين تُزف العروس من بيت أبيها إلى بيت العريس.، وتقوم النسوة بترديد أغانيهن المعهودة وهن يرافقن العروس إلى بيت زوجها، قائلات:

يا عروس لا تبجين قبلج بجينا وهاذي كتبت الله علينا

– يتبع الجزء الثالث والأخير