حلب/ خالد الحسين
شهدت مدينة حلب خلال الأسابيع الماضية تحسنًا نسبيًا في واقع المواصلات العامة، بعد أزمات متلاحقة عانى منها السكان على مدار سنوات، نتيجة قلة وسائل النقل داخل المدينة، وتحديدًا في الأحياء الحيوية التي تعتمد بشكل كبير على السرافيس كوسيلة رئيسية للتنقل. هذا التحسن، وإن كان محدودًا، إلا أنه يعيد الأمل للسكان الذين طالما اشتكوا من صعوبة التنقل اليومي، خاصة في ساعات الذروة.
وفي تقارير سابقة “للسوري” أشرنا إلى أن مدينة حلب عانت لفترات طويلة من شح كبير في وسائل النقل العامة، الأمر الذي انعكس سلبًا على حياة السكان اليومية، حيث اضطر كثيرون إلى السير لمسافات طويلة للوصول إلى أعمالهم أو جامعاتهم، وسط غياب بدائل فعالة أو حلول سريعة من الجهات المعنية. وكانت المشكلة الأكبر تتمثل في نقص الوقود، وتحديدًا مادة المازوت، التي يعتمد عليها أصحاب السرافيس لتشغيل مركباتهم، وهو ما أدى في أوقات عديدة إلى توقف شبه تام لحركة النقل في بعض الخطوط.
ويعود التحسن النسبي الأخير إلى توفّر كميات جيدة من الوقود، وهو ما ساهم في إعادة تشغيل عدد من خطوط النقل الداخلي التي كانت شبه متوقفة خلال الأشهر الماضية. وقد أكد عدد من السائقين أنهم بدأوا يتلقون مخصصاتهم من مادة المازوت بشكل أفضل من السابق، ما أتاح لهم العودة إلى العمل لساعات أطول، وبالتالي تغطية عدد أكبر من الرحلات يوميًا.
يقول أحد المواطنين في لقاء “للسوري” هناك تحسن طفيف في واقع النقل، فقد بتنا نرى عددًا أكبر من السرافيس في الشوارع مقارنة بالشهور السابقة، لكن لا زالت بعض الخطوط، كالتي توصل إلى حي صلاح الدين والكلاسة والصاخور، تعاني من اكتظاظ شديد في أغلب الأوقات، ما يدفعنا للانتظار طويلاً أو ركوب سيارات أجرة بتكلفة أعلى”. وأضاف المواطن أن التحسن الحالي لا يكفي لتلبية الحاجة المتزايدة للمواصلات، خاصة مع عودة النشاط إلى أسواق المدينة ومؤسساتها التعليمية.
أما أحد سائقي السرافيس، فقد أوضح أن “هناك توفرًا لكميات من المازوت خلال الفترة الأخيرة، ونأمل أن تستمر هذه الوتيرة بل وتزداد، لأن الكثير من السائقين لا زالوا يتقاسمون مخصصاتهم مع بعضهم البعض لتسيير الرحلات، وهذا أمر غير عملي على المدى الطويل”. وطالب السائق الجهات المختصة بزيادة كميات المازوت المخصصة لكل سرفيس، مشيرًا إلى أن السائقين يبذلون جهودًا كبيرة للاستمرار في العمل وسط ظروف اقتصادية صعبة.
وتُعدّ مدينة حلب من أكثر المدن السورية ازدحامًا، نظرًا إلى عدد سكانها الكبير وطبيعتها الصناعية والتجارية التي تتطلب حركة مستمرة للأشخاص والبضائع. ويُقدر أن عشرات الآلاف من السكان يعتمدون يوميًا على وسائل النقل العامة، ما يجعل أي خلل في المنظومة يؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للناس.
ورغم التحسن الطفيف، فإن المطالبات لا تتوقف من قبل المواطنين بضرورة إيجاد حل جذري ونهائي لأزمة المواصلات، يبدأ بإعادة هيكلة منظومة النقل العامة وضمان توفر الوقود بشكل دائم ومنتظم. ويحمّل كثير من السكان الحكومة مسؤولية ما وصلت إليه المواصلات في المدينة، ويطالبونها بتحمّل واجباتها تجاه المواطن الذي يعاني من مشقة التنقل يوميًا.
وفي ظل هذه الظروف، تبقى آمال الحل معقودة على استمرار الدعم لقطاع النقل وتحسين البنية التحتية، بما في ذلك تأهيل الطرق وتوسيع شبكات النقل الداخلية، بالإضافة إلى مراقبة توزيع الوقود وضمان عدالة توزيعه بين السائقين، حتى لا تُعاد إنتاج الأزمة بشكل جديد في المستقبل القريب.