اللاذقية/ يوسف علي
ما زال تطبيق “شام كاش” يثير موجات من الغضب والاستياء في أوساط آلاف الموظفين السوريين، بعدما تحوّل من مشروع رقمي واعد إلى تجربة مريرة تكشف عن هشاشة التحول الرقمي الرسمي، وعمق الإرباك التقني والإداري الذي يحيط به.
ففي الوقت الذي رُوِّج فيه للتطبيق على أنه نقلة نوعية في الخدمات المالية الإلكترونية، يعاني المستخدمون من أعطال متكررة، وتأخير مزمن في صرف الرواتب والمنح، وسوء في إدارة بيانات الحسابات الشخصية، الأمر الذي أفرغ المشروع من مضمونه، وجعل منه عبئاً أسبوعياً متكرراً على المواطنين، مع اضطرارهم لإعادة تحميل التطبيق مراراً وتكراراً في محاولة للوصول إلى حساباتهم دون جدوى.
ووفق شهادات من موظفين في اللاذقية وطرطوس، لم يتقاضَ عدد كبير منهم رواتبهم منذ عدة أشهر، في حين لم تصل “منحة العيد” المقرّة بموجب مرسوم رئاسي إلى مستحقيها حتى اليوم، وسط انهيار شبه كامل في أداء التطبيق، لا سيما في الأيام التي تسبق عمليات الصرف. علاء، موظف في سلك التعليم في اللاذقية، قال لصحيفة “السوري”: “كلما اقترب موعد الراتب، يتوقف التطبيق عن العمل، ننتظر لساعات أمام مراكز الصرافة، لنفاجأ أن الرصيد غير متاح أو أن الحساب يحتاج تفعيل جديد. إنها إهانة للمستخدم أكثر مما هي خدمة له”.
الأزمة لم تقف عند حدود الأعطال، بل شملت الأخطاء المتكررة في البيانات، كما حصل مع سارة، وهي أرملة تعمل في قطاع الصحة وتعيل ثلاثة أطفال، التي أكدت أنها لم تتلقَ منحة العيد، بعد أن تبيّن وجود خلل في بيانات حسابها المصرفي، وأضافت: “اضطررت للاستدانة لأوفر ما أُسعد به أطفالي في العيد، والموظفون أبلغوني بالمشكلة في صباح يوم العطلة، حين كان لا وقت ولا حلّ”.
خبير اقتصادي – فضّل عدم الكشف عن اسمه – وصف حالة التطبيق بأنها تعبير عن فشل بنيوي في إدارة التحول الرقمي. وقال: “الاعتماد الكامل على منصة غير مستقرة لصرف الرواتب، من دون أي خطة بديلة، يعرّض الأمن المعيشي لآلاف الأسر للخطر، ويعمّق فقدان الثقة بين المواطنين والمؤسسات”. واعتبر أن الأعطال المستمرة التي تزامنت مع مناسبات حساسة، مثل الأعياد، زادت من حدة الأزمة، مؤكداً أن “ما نشهده ليس تحولاً رقمياً بل تجربة مفروضة، خالية من أدنى معايير التخطيط التقني والاقتصادي”.
ويرى مراقبون أن فشل “شام كاش” يعيد للأذهان تجربة “مشروع تكامل” في عهد النظام البائد، مع فارق أن التطبيق الجديد جاء بعد وعود الإصلاح والتحديث، ليكرّس بدوره ذات المركزية والتحكم، دون شفافية أو محاسبة، في وقت يُترك فيه الموظف السوري فريسة للوعود الخادعة والإحصائيات الوهمية.
كما أشار هؤلاء إلى أن ما لا يقل عن 85% من حسابات التطبيق متوقفة، في حين تستمر الجهات المشغلة في إصدار تحديثات تجميلية أسبوعية بلا فاعلية حقيقية، بينما يبقى الموظف في حالة انتظار يومي لصرف راتبه عبر تطبيق لا يعرف من يملكه ولا من يديره.
في ظل هذه المعطيات، تتزايد الدعوات لمراجعة جذرية لمشروع “شام كاش”، ووضع حلول بديلة تحترم حق المواطنين في الوصول إلى رواتبهم ومساعداتهم دون إذلال تقني، وتضمن استقرار دخلهم في مواجهة أعباء الحياة المتزايدة.