لكل السوريين

السياسة الدولية والشرق الوسط

لا شك أن السياسة الدولية تعرضت لانعطافة كبيرة كان لها آثار سلبية على منطقتنا (الشرق الأوسط)، وما يمثله هذا الشرق من ثقل اقتصادي وعمق تاريخي، وهذه الانعطافة تجسدت بالتحول الكبير للسياسة الدولية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر من أسلوب الحرب الباردة ــ والانقلابات العسكرية في ظل عالم كان يتحكم فيه قطبان الأول الاتحاد السوفييتي ومن خلفه منظمة حلف وارسو والثاني الولايات المتحدة الأمريكية المتزعمة لحلف شمال الأطلسي.

واليوم بات محكوماً بقطبية واحدة هي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ــ إلى سياسة الحرب الاستباقية مع العديد من الدول والحركات التحررية وهذا التحول الخطير باتت نتائجه كارثية على دول العالم النامي عامةً ودول العالم الاسلامي خاصة، ومن هنا نجد أن العالم الحاسم والرئيسي في رسم السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية هي الدواعي الأمنية إضافة للمصالح الاقتصادية، بعد أن جرى استبدال سياسة الاحتواء والاستيعاب بسياسة القوة كما حدث في العراق وأفغانستان بعيد أحداث سبتمبر، وذلك في ظل توظيف قاسي وممنهج لقانون محاربة الارهاب من أجل خدمة المصالح الغربية في المنطقة وفي مقدمتها المصالح الأمريكية.

وبشكل عام يمكن الجزم بأن (باركود) الدخول لفهم أبعاد واستراتيجيات السياسة الأمريكية والغربية على السواء تجاه باقي دول العالم عامة والشرق الأوسط خاصة هو حماية مصالح أمريكا والغرب، مع الحرص على ضمان أمن إسرائيل وتفوقها على سائر الجوار الاقليمي، إضافة إلى ذلك ضمان الحماية الدائمة للأنظمة المتحالفة مع الولايات المتحدة والغرب، والتركيز على أهمية استمرار تدفق النفط العربي من مصادره في الخليج العربي للأسواق العالمية.

ولا ننسى الخشية الغربية والأمريكية من توسع النفوذ الروسي في المنطقة، لذا كان الغرب وبالتفاهم والتعاون الدائم والوثيق مع الولايات المتحدة حريص كل الحرص على مراقبة ومحاربة أي توسع لذلك النفوذ المعادي لهم، إن كان بشكل مباشر من الخصم الروسي أم من حلفائه التقليديين في المنطقة.

كما أن الاستراتيجية الغربية تجاه المنطقة كانت تحرص كل الحرص على إبقاء دول المنطقة في حالة تخلف وتبعية للغرب، في ظل هيمنة أنظمة استبدادية وقمعية مرتبطة عضوياً بمشاريع الهيمنة الرأسمالية على المنطقة.

من كل ما سبق يتبين لنا وبما لا يدع مجالاً للشك أن شعارات الديمقراطية والحرية التي ترفعها الدول الغربية ليست سوى شعارات زائفة لا تمت بصلة لجوهر تلك الحكومات ولفكرها السياسي، حيث ثبت بالدليل القاطع أن أسلوب المعايير المزدوجة في النظر والتعامل مع قضايا المنطقة هو المتبع عند تلك الدول.

وفي هذا الإطار يقول المفكر السياسي روبر كوبر “إن التحديات التي تواجه العالم المتقدم تجعله يعتمد المعايير المزدوجة إذ يعتمد في العلاقة ما بين الدول المتقدمة على القوانين الأمنية، في حين أنه يتحول في حالة التعامل مع الدول النامية إلى الوسائل القاسية للعصور الأولى من خلال استخدام القوة الغاشمة والخداع والهجوم وبكل ما هو ضروري للتعامل مع أولئك الذين يعيشون في عالم القرن التاسع عشر”، ففيما بيننا كما يقول روبر كوبر نتمسك بالقانون ولكن عندما نعمل في غابة يجب علينا استعمال قوانين الغاب.

ترانا أين نحن من ذلك؟ وماذا نحن فاعلون؟ أسئلة برسم الإجابة.