لكل السوريين

حتى لا نعود للمربع الأول

حسن مصطفى 

عشر سنوات أو تزيد مضت على الأزمة السورية التي أتت على الأخضر واليابس وتسببت بهجرة الملايين ولا تزال؛ ونزوح ملايين أخرى إلى الداخل السوري إضافة ً إلى مئات الآلاف من الشهداء واضعاف ذلك من المصابين والمعاقين وملايين الأيتام والأرامل عدا عن تدمير المئات من القرى والبلدات والمدن.

أما الحواجز فهي بالعشرات بل بالمئات منتشرة على امتداد الجغرافية السورية وهي بلا أدنى شك تمثل التجسيد المستقبلي المحتمل لحالة التشظي للجغرافية السورية كما يريدها ويسعى إليها أعداء سوريا لتحويلها إلى دولة فاشلة بعد أن كانت في يومٍ من الأيام محرك السياسة الشرق أوسطية.

واليوم وبعد كل هذا الخراب والدمار والتشريد والآلام تعاود الأزمة السورية سيرتها الأولى بعد أن اشتعل أوارها من جديد في مدينة درعا والسؤال هو لماذا درعا؟ ولماذا الآن؟ ولماذا هذا الصلف والعنجهية والغطرسة في التعاطي مع مشكلة درعا؟ وهل يعقل أننا وبعد كل هذه المعاناة الطويلة لازلنا مصرين على الحل العسكري بالرغم من العواقب الوخيمة والكارثية التي تسبب بها هذا الحل.

ولماذا هذا الدور المخاتل وغير الموضوعي والمنطقي الذي امتاز بها الضامن الروسي الذي لم يقم في كل مراحل الأزمة السورية  بالوفاء بالتزاماته وتعهداته وضماناته بل ضرب بها عرض الحائط في كل مرة. لأنه لا زال محافظاً على اصطفافاته الأولى مع الحكومة السورية خدمة لمصالحه الاقتصادية والاستراتيجية في الساحة السورية.

إضافة إلى السؤال الكبير الذي يطرح نفسه وبقوة لماذا هذا الإصرار على موضوع التهجير القسري لمعارضي الحكومة من أبناء درعا وقد خيِروا بين الذهاب إلى تركيا أو الأردن علماً بأن كلا الدولتين لم تعلنا عن رفضهما أو قبولهما لاستقبال المهجرين السوريين. إذا علمنا أن كلا الدولتين استخدمتا ورقة اللاجئين وطيلة سنوات الأزمة لابتزاز العالم والمنظمات الأممية, ومثل هذا التهجير القسري يصب في النهاية لخدمة مشروع التغيير الديمغرافي الذي عملت عليه الحكومة السورية في معظم مناطق المعارضة التي أحكمت السيطرة عليها بالقوة, وغايتها في ذلك إحلال عناصر موالية لها بعد إجبار السكان الأصليين على النزوح الداخلي أو الهجرة الخارجية.

واليوم تشهد العديد من المدن والمحافظات السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية لموجة هجرة غير مسبوقة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية الناجم عن انهيار العملة الوطنية والارتفاع الجنوني للأسعار جراء العقوبات الاقتصادية التي فرضت على الحكومة السورية بعنوان قانون قيصر بسبب المخالفات والتعديات الخطيرة على حقوق الانسان طيلة سنوات الأزمة.

الأمر الذي بات معه 80% من الشعب السوري تحت خط الفقر وللخروج من حالة التردي والانهيار الاقتصادي راح أبناء الشعب السوري يبحثون عن أي وسيلة تمكنهم من الخروج من هذه الأزمة ولم يجدوا أمامهم سوى الهجرة لهذا نجدهم اليوم يصطفوا طوابير أمام مراكز الهجرة والجوازات وهذا الأمر ينبئ بكارثة حقيقية ستصيب الدولة السورية حين تتحول إلى دولةٍ فاشلة، سيدفع المحيط الاقليمي والعالمي أثماناً باهظة من أمنه واستقراره ونهوضه الاقتصادي.

والسؤال هو؛ هل ما يجري على الأرض السورية بعيد عن أنظار العالم ودوله المهتمة بحقوق الانسان ومنظماته الأممية أم أن ذلك هو مؤشر على أن الأزمة السورية يجب أن تعود إلى المربع الأول لأن العالم لم يكتفي من نزيف الدم السوري بالرغم من السنين العشر العجاف التي مر بها الشعب السوري .

أسئلة برسم الاجابة من قبل كل الشرفاء والمحبين للحرية والعدالة والانسانية في العالم, فهل من مجيب ؟؟؟