لكل السوريين

هل تشهد العلامةُ الفارقة في تاريخ حمص عودةً للحياة؟

حمص/ نور الحسين 

معالمٌ أثرية كثيرة مازالت شاهدة على تاريخ مدينة حمص، وأوابد أثرية تحفظ تاريخ المدينة وتوثق عصوراً قد مرت عليها من كنائس وجوامع وأديرة والتي تعتبر أيقونات تاريخية رائعة تعود إلى عصور وفترات مختلفة إضافة لذلك هنالك القصور، ولعل أشهرها قصر الزهراوي الأثري الذي يعد من أجمل قصور مدينة حمص القديمة، ويمثل بناء هذا القصر الذي يرقى تاريخه إلى 750 سنة خلت، نموذجاً رائعاً للبيوت ذات الطابع الأصيل والطراز المعماري الفريد.

ويتألف بناء الزهراوي الواقع في شارع “عمر المختار” في حي “باب تدمر” من كتلتين معماريتين متجاورتين، الأولى: تُعرف بالدار الكبيرة وسميت بذلك لرحابة صحن الدار وتعدد القاعات والأروقة والغرف وأجنحة المتطلبات اليومية ضمن مساحة تعادل 600 م2، وشيدت هذه الكتلة في العهد المملوكي (القرن الثالث عشر الميلادي ـ السابع الهجري).

والثانية: تعرف بالقصر، ويرجع تاريخ بنائها إلى أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر الميلادي (العهد العثماني)، وقد عرفت الدار الكبيرة مع القصر المجاور فيما بعد ـمنذ الربع الأول من القرن الماضي باسم قصر الزهراوي واشتهرت بهذه التسمية نسبة إلى العائلة التي أقامت واستقرت فيها.

كما يقسم قصر الزهراوي إلى خمسة أقسام، حيث دلّت التحريات الأثرية عام 1990 على وجود مدفن بيزنطي تحت الأقبية في الجناح الجنوبي من القصر.

كما يوجد قبوان تحت الأرض وفوقهما قبوان آخران كائنان في الجهة الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية، بناؤهما بيزنطي، وتشكل هذه الأقبية القسم الأول.

أما القسم الثاني فهو بناء يعود إلى العهد الأيوبي وأوائل العهد الملوكي، كما تدل اللوحة الحجرية على ساكف الباب الشرقي للقصر المؤرخة عام 661 للهجرة، حيث بنى التاجر “علي ابن أبي الفضل الأزهري”، الأجنحة الثلاثة المطلة على الفناء الداخلي للقصر الشمالي ـالغربي والشرقي.

والقسم الثالث مملوكي أنشِئ كجناح للحكم عام 665 للهجرة، أما القسم الرابع، فقد ورد في وقفية الزهراوي المؤرخة عام 1024 للهجرة ذكر للشيخ “موسى بن زهراوي” الذي توفي عام 855 للهجرة، فيكون بناء زاوية الشيخ “موسى الزهراوي” قبل ذلك العام.

والقسم الخامس هو القصر الغربي العثماني الذي استعمله الشيخ “عبد الحميد الزهراوي” أحد رواد النهضة العلمية والفكرية في سوريا.

حيث يشهد القصر أعمال ترميم ليشق طريقة إلى الحياة من جديد بعد تضرره نتيجة الحرب، وتشمل أعمال الترميم القبة في الطابق الثاني من الجناح الشمالي لتضررها الكبير، وترميم السقف في الجهة الشمالية الغربية مع جزء من المدخل، إضافة الى ترميم لبعض القباب في القسم الجنوبي حسبما أفادت مصادر من إدارة القصر.

ويعتبر قصر الزهراوي متحفاً للتقاليد الشعبية، لكنه فقد الكثير من قطعه التراثية ويتم حالياً عرض بعض القطع المتبقية.

وسجّل قصر الزهراوي أثرياً عام 1967 واستملكته مديرية الآثار عام 1978 بغية المحافظة عليه وترميمه وتوظيفه كمتحف للتقاليد الشعبية.