لكل السوريين

نساء حلب يتسابقن في تحضير الحلويات استعداداً لعيد الأضحى

تشهد أسواق مدينة حلب القديمة ومراكزها التجارية حركة نشطة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، حيث تتوافد النساء بكثافة على محال بيع مكونات الحلويات التقليدية، في مشهد يعيد للمدينة العريقة نبضها وطقوسها الأصيلة. ويُلاحظ الإقبال الكبير على شراء الفستق الحلبي، السمن العربي، والطحين، في الأسواق الشعبية كسوق السقطية وباب جنين، ما يعكس تمسك الحلبيين بموروثهم الغذائي رغم التحديات الاقتصادية.

وفي جولة أجرتها صحيفة “السوري”، برزت مشاهد لافتة لنساء حلب وهنّ يسابقن الزمن لإنهاء تحضيرات العيد. في سوق السقطية، تقول أم جلال، وهي سيدة خمسينية تفرز المكسرات بعناية: “ما في أحلى من ريحة المعمول تطلع من الفرن. بعمله بالعجوة والجوز، وأحيانًا بالفستق، وكل سنة لازم أعمله بإيدي”. وتؤكد أن صنع الحلويات في المنزل ليس مجرد عادة، بل طقس من طقوس العيد يحمل ذكريات الطفولة ويعزز الشعور بقدوم المناسبة.

أما فاطمة، وهي أم لثلاثة أطفال، فقد كانت تشتري السمن الحيواني من أحد المحال، وتقول: “رغم صعوبة الحياة، ما منقدر نمرق العيد من دون حلا. رح أعمل غريبة ونمورة وكعك بعجوة. العيد ما بيكمل من دون شاي بالنعنع وضيافة حلبية”. وتلفت إلى أن صنع الحلويات في المنزل بات خياراً اقتصادياً وعاطفياً في آنٍ معاً.

وفي سوق باب جنين، كانت ريم تشتري ماء الزهر والقرنفل. تقول ريم: “بحب أعمل المبرومة والبلورية، وبعد الغداء بنقعد نشرب قهوة ونقدم الحلو، وهيك بيصير العيد عيد”. وتؤكد أن تحضيرات العيد تمثل فرصة للتواصل بين النساء، وتعزز العلاقات الاجتماعية بين الجارات والأمهات والبنات.

وتُعد الحلويات في حلب أكثر من مجرد أطباق تقليدية، إذ تحمل بُعدًا ثقافيًا واجتماعيًا يتجاوز نكهتها. فهي ترتبط بطقوس الضيافة في عيد الأضحى، حيث تحرص العائلات على تقديم أصناف متنوعة من الحلويات والمكسرات مع القهوة المرة، في مشهد يعكس كرم المدينة وعراقتها.

ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة، تواصل نساء حلب الحفاظ على تقاليد العيد بكل تفاصيله. بعضهن يبتكرن حلولًا بديلة كالتشارك في المكونات أو تبادل الحلويات بين الجيران، ما يعكس روح التضامن الاجتماعي. وفي كل ركن من الأسواق، تظهر نساء حلب كحارسات لذاكرة المدينة وموروثها، يصنعن الفرح بأيديهن، ويؤكدن أن العيد في حلب لا يمر دون نكهته الأصيلة.

عيد الأضحى في حلب ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو احتفال جماعي بالحياة، حيث تبقى النساء في الواجهة، صانعات للفرح، وراويات لتراث لا يزال حياً رغم كل التحديات.