لكل السوريين

النوروز.. أصالة كردية استمدت روحها من كاوا الحداد

يعتبر نوروز حكاية يتداولها الشعب الكردي ويرويها الكبار لأطفالهم للحفاظ على تاريخهم المفعم بالانتصارات، ويذكر بأنه يعود تاريخ إشعال شعلة “نوروز” إلى زمن حكم الملك الظالم الذي كان يأكل أدمغة الأطفال آنذاك، وجاء كاوا الحداد لينهي هذا الظلم عن الشعب الكردي، والقضاء على الملك الضحاك “أزاديهاك” حيث أصبح هذا اليوم هو عيداً مع يحتفل به الشعب الكردي مع الشعوب الأخرى.

مع إطلالة بشائر الربيع، يحتفل الكرد بتركيا، بعيد النوروز وفق طقوس خاصة على سبع مراحل رئيسية، ويمثل النوروز أو النيروز بشرى الربيع وبداية العام الجديد، و”عيد الطبيعة”؛ وهو يصادف يوم الاعتدال الربيعي أي الحادي والعشرين من آذار من كل سنة، ويحتفل به عموم الشعب الكردي ليس في تركيا فحسب؛ وإنما في سوريا والعراق ولبنان وبلدان آسيا الوسطى وجنوب القوقاز منذ عصور.

ويتم الاحتفال على سبع مراحل تتجلى مراسمها في “الصيام عن الكلام السيء” والتنظيف وعيد الموتى وزيارة المسنين والمرضى ويوم الطفل ويوم الشباب والألوان السبعة.

ويبدأ الصيام عن الألفاظ السيئة قبل اسبوعين من العيد، حيث يسعى الأهالي إلى نسيان آلام ومشاكل العام الماضي، وتحقيق المصالحة بين المتخاصمين.

ومع حلول النوروز يبدأ الناس في تنظيف حدائق منازلهم، وتجمّع النفايات في منطقة معيّنة وتضرم فيها النيران، ويقفز الأهالي من فوق ألسنة اللهب، ويعدّ عيد الموتى من أبرز طقوس الاحتفال بالنوروز، إذ يبدأ الأهالي بالتوجه إلى القبور قبيل الاحتفال بالعيد، ويقومون بتنظيف المقابر، وعقب غسل القبور المزينة بالورود، تقرأ آيات من القرآن الكريم، وتوزّع مأكولات على الزوار، وبعد الانتهاء من عيد الموتى، تبدأ زيارة المسنين والمرضى، وتنظم فعاليات احتفالية مختلفة تعنى بالشباب وبالأطفال.

والألوان السبعة هو طبق خاص يعد من سبعة أنواع من الفواكه والمكسرات، ويقوم بإعداده الأشخاص الأكبر سنا في العائلة، ويقدّم للأصدقاء والجيران والأقارب خلال تبادل الزيارات بمناسبة العيد.

ويجري تقديم الألوان السبعة على مدار ثلاثة أيام، إيماناً بأن هذه الخطوة توطد العلاقات بين الجيران والأصدقاء، وصبيحة يوم 21 مارس، يطوف الأطفال حول منازل الحي، ويقبلون أيادي الكبار، فيما يقدم الأهالي للصغار هدايا من أطباق الألوان السبعة.

وإن عيد النوروز يرمز إلى الأخوّة والوحدة، والاحتفال بالنوروز متواصل منذ عصور طويلة، ضمن مراسم احتفال مختلفة يشارك فيها الشباب والنساء على وقع الأهازيج والموسيقى التراثية، وأجواء البهجة تعم المنطقة، حيث تبدأ التحضيرات قبيل أسابيع من العيد.

أما في سوريا فإن العرب والسريان من الأهالي في شمال وشرق سوريا قبل حكم مرتزقة داعش كانوا يشاركون الشعب الكردي أفراحهم واحتفالاتهم بعيد النوروز، لذلك لا يعتبر عيد الشعب الكردي فقط وإنما عيد الشعب السوري برمته، عرباً، سرياناً وكرداً.

وفي هذا اليوم يرتدي الرجال الزي التقليدي ذات اللون الترابي الذي يرمز للأرض، أما النساء والفتيات يلبسن الثياب المزركشة ذات الألوان الزاهية الممتدة والمستوحاة من ألوان الزهور والطبيعة الخلابة، ويسمى زيهم (كراس وخفتان) مع بداية ليلة نوروز يتم إشعال النار قبل شروق شمس العام الجديد، وفي يوم نوروز يتوحد الشعب الكردي والشعب العربي ويجتمعون معاً للاحتفال بسطوع شمس الحرية، وذلك بعد زمن لم يبقى فيه جسراً تربطه سوى الفرح وبقايا من الأمل.

والجدير ذكره رغم التطور الكبير إلا أن الزيّ الكردي حافظ على تصميمه وألوانه على مدى قرون طويلة، وإن الزيّ الكردي هو هوية عكستها طبيعة الجبال والتلال التي لابد أن يكون لها ملابسها المختلفة والمستوحاة منها، وهذا ما نراه في رجال ونساء الشعب الكردي، ويذكر بأن المكونات الأخرى تشاركهم فرحتهم.