لكل السوريين

ومضات من تاريخ الفن التشكيلي

جذور الفن التشكيلي تعود لعصور موغلة في القدم، حيث بدء الأنسان يرسم صوراً للحيوانات على سقوف الكهوف والمغاور والسراديب (كتاكومبي) التي عثر عليها في فرنسا، وشمال بلاد الرافدين، واوجد قدماء المصريون أسلوباً جميلاً في التصوير التشكيلي، إذ أنهم رسموا الطبقة الاجتماعية في تصاوريهم ورسومهم.

وقد احتلت الرسومات والنقوش الكم الأكبر في تزيين المعابد، في الشرق والغرب لا سيما عند الاغريق بدءً من الألف الثالث قبل الميلاد خاصة خلال بزوغ فجر الحضارة “المسينية” مثل رسوم قصور “كنوسوس” و”فايستوس” في “كريت”، وقد وصلتنا اعمال نحتية “سومرية” و”آكادية” و”آشورية” وتصاوير ورسومات من حضارات مختلفة مثل الحضارة الرومانية والبيزنطية والعربية الإسلامية.

إن الفنون التشكيلية هي جميع أشكال الفنون التي تستخدم مفردات الشكل، أي الإحساس بالمكان والقدرة على إنشاء اماكن ذات معنى وأماكن ذات الجودة والجمال، وهذه المفردات التي تستخدمها هذه الفنون هي: اللون، المساحة، الخط، الكتلة في الصياغة والتعبير عن إنفعال، مؤطر داخل قالب منظور يدرك من خلال الرؤية ويشمل إلى جانب الرسم والتصوير الخزف والحفر وجملة واسعة من أشكال الفنون التطبيقية الزاخرة بالإبداع والجمال الشكلي. وفي نهاية الأمر يعتبر الفن التشكيلي تعبير عن انفعال إنساني.

وتاريخ هذا الفن موغل في القدم، حيث عرفه الإنسان ومارسه قبل/45/ ألف سنة قبل الميلاد إذ أنه تم العثور على الكثير من المنحوتات الحجرية اثناء أعمال التنقيب الأثري، وقد اتسمت وتميزت بالبساطة والعفوية والبدائية، واقتصر هذا العمل على الشكل الخارجي وبعض اعضاء بارزة في الجسم البشري والبعض يفتقر إلى النسب.

وفي مسار الفن التشكيلي هناك الرسم والتصوير التشكيلي فهما نوعان من الفنون الجميلة مع وجود فوارق بينهما، فالرسم يتميز بالخطوط والظلال، وهو من أنواع مختلفة فهناك رسم الخط ورسم الظل ورسم الكائن، والشخص الذي يرسم يسمى فنان، والرسم بعكس التصوير التشكيلي لا يحتاج إلى زيت “التربنتين” والرسم بسيط ومن الممكن استخدام قلم الرصاص، وأقلام الشمع، والفحم في فن الرسم.

وفي حالة قام الفنان برسم كائن بشري أو غيره فهو لا يحتاج إلى استخدام لوح، والرسم لا يلزمه وقت كي يجف، وكل ما رسمه الفنان بقلم الرصاص يمكن مسحها وإعادة بناء نلك الرسوم بسهولة لأن الجرافيت (الجرافيت هو معدن أسود اللون يوجد في الطبيعة في الصخور المتحولة يمتاز بنعومة شديدة ويعتبر موصلاً جيداً للكهرباء) يمكن محوه بسهولة، كما ان الرسام يستغني عن استخدام الفرشاة في حالة الرسم.

أما التصوير التشكيلي فإن اللوحة تتميز بالألوان والتصاميم، فاللوحة الزيتية ترسم على قماش، وهناك اللوحة المائية، ولوحة إكريليك.

كان الفن التشكيلي قديماً يعرف بالفن المرئي، الذي يتفرع إلى أنواع فنية أخرى، وهذا النوع من الفن يركز على الذوق البصري المحسوس. وهنا يجب التفريق بين الفن التشكيلي والفن الزماني وهذا الأخير يقتصر على الرقص، والشعر، والموسيقى؛ إذ إن الزمانية تحمل صفة التشكيلي والزماني في آن معاً. أما أنواع الفنون التشكيلية فهي:

الرسم، الطباعة، النحت.

وهناك الفن الجداري المكون من عدة أقسام وأنواع مثل المحفورة أو المرسومة أو الفسيفساء. وفن الفسيفساء ويقال عنه أيضاً الفن المفصص، وهذا الفن هو حرفة صناعة وصياغة المكعبات من الأحجار الملونة صغيرة الحجم، التي تستعمل في زخرفة وتزيين فراغات أرضيات القصور والكنائس والجدر عن طريق تثبيت هذه المكعبات بالبلاط فوق الأسطح الملساء وتشكيل تصاميم ذات موضوعات متنوعة زاهية الألوان.

كما أنه بالإمكان استخدام مواد متنوعة أخرى في هذه التصاميم مثل الحجارة والمعادن والزجاج والأصداف البحرية والنهرية وغيرها من مواد تعكس الأبهة والجمال، وقد تميزت سورية بشهرة واسعة في هذا الفن عبر عصورها التاريخية، ومن أشهر اللوحات والحصائر الفسيفسائية السورية أذكر على سبيل المثال لا الحصر لوحات فسيفساء مدينة شهبا في السويداء، ولوحات فسيفساء “حماة”، و”حلب”‘واللاذقية”، و”الرقة” التي تم العثور فيها على المئات من اللوحات والحصائر الفسيفسائية التي تعود للعصر المسيحي.