لكل السوريين

بعد تدني الوضع المعيشي، كيف أصبح يعيش الموظف في مؤسسات الحكومة السورية؟

تضاعفت معاناة الموظف لدى النظام السوري مع تضاعف سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية، ما أدى إلى طرح عدة تساؤلات عن مدى كيفية استمرار الموظف في المعيشة مع كل هذا التدني في الوضع الاقتصادي؟، في وقت أشار إليه الموظفون أنفسهم أن الزيادة التي كانت قد منحت لم تسعفهم في إدراك كل هذ الغلاء في الأسواق.

ويبلغ متوسط الرواتب الشهرية للموظفين الحكوميين حوالي 80 ألف ليرة، وقد يبلغ بأفضل حالاته 120 ألف ليرة مع جميع الحوافز والمكافآت التي قد يحصل عليها الموظف.

أما في القطاع الخاص، فالوضع ليس أفضل بكثير، إذ تتراوح الرواتب الشهرية بين 120 و150 ألف ليرة في أحسن الأحوال.

وبالنسبة للمناصب الإدارية، فقد تصل الرواتب إلى 200 ألف ليرة في أحسن الحالات، فكيف يعيش الناس؟ ومن أين ينفقون على أسرهم؟

وأصبح الموظف يمارس أكثر من عمل حتى يتسنى له مجابهة هذه المعيشة التي وصفت بأنها لا تطاق، ولا سيما في العاصمة دمشق التي أشارت عدة تقارير عن أن نسبة تجاوزت الـ 95% من موظفيها يمارسون أعمالا أخرى إضافة إلى وظيفتهم الأساسية.

 

وكان معتاد في فترة ما قبل الأزمة أن الأب لوحده يستطيع أن يؤمن دخل أسرته، أما الآن فقد أصبح جميع أفراد العائلة مضطرون على العمل حتى يؤمنوا دخلهم المعيشي.

الطلاب أيضا أصبحوا يعملون حتى يستطيعوا على الأقل تأمين متطلباتهم الدراسية، فيضطر الطالب إلى البحث عن عمل مسائي أو ليلي، كي يساعد أسرته على الإنفاق أو على أقل تقدير أن يسد مصاريف نفسه سواء الشخصية أو الدراسية.

واحدة من طرق الحصول على أجر إضافي، هي العمل داخل العمل، لا سيما في الوظائف الحكومية، فيأتي الموظف ويسجل اسمه في سجل الدوام أو يضع بصمته على آلة تسجيل الدوام، ويخرج لعمل آخر حتى وقت الظهيرة، ليعود ويسجل اسمه أو يضع بصمته مرة أخرى ظهرًا.

وبالتالي يجني راتب وظيفته الأساسي، ويحصّل راتبًا آخر من العمل الذي عمله خلال هذا الوقت.

وانتشرت الرشاوى في المؤسسات الحكومية وحتى الخاصة، وأصبحت مشهدا أو ربما أنها من روتين العمل، فلا محاسب على ذلك ولا هم يحزنون.

واحتلت سوريا المركز قبل الأخير في قائمة التقرير السنوي لمؤشرات “مدركات الفساد” الذي تصدره “منظمة الشفافية الدولية”، والذي يرصد حالتي الشفافية والفساد، في 180 دولة حول العالم.

وصنفت “منظمة الشفافية الدولية” في تقريرها السنوي الصادر، في 23 من كانون الثاني الماضي، سوريا في المرتبة 178 برصيد 13 نقطة، تلتها جنوب السودان والصومال في المرتبة الأخيرة، برصيد تسع نقاط.

انتشرت أيضًا مظاهر السرقة والنشل والخطف، وذلك مع انتشار الفقر ووصوله إلى مستوى غير مسبوق، وتتراوح مجالات السرقة من سرقة حاجيات من مكان العمل مثل القرطاسية والأثاث والأدوات الكهربائية، وصولًا إلى سرقة ملايين الليرات لقاء صفقات مشبوهة أو عقود وهمية.

وتبدو حالات الخطف الأقل حتى الآن، لكنها تسجَّل بين وقت وآخر، ولا يكون قصد الخطف سياسيًا أو طائفيًا، بل اقتصاديًا صرفًا، فيطلب الخاطف فدية كبيرة مقابل إطلاق سراح المخطوف.

وبجميع الحالات، نسبة من هم تحت خط الفقر 90%، بحسب “اقتصاديين نقلت عنهم صحيفة تشرين الحكومية”، وهي أرقام تقارب ما تعلنه الأمم المتحدة عن وجود 83% تحت خط الفقر، بحسب تقييم احتياجاتها لعام 2019.