لكل السوريين

الإنترنت الفضائي.. حلم مؤجل في اللاذقية وطرطوس وسط وعود معلقة وتشريعات غائبة

تقرير/ اـ ن

لا يزال حلم المواطنين في محافظتي طرطوس واللاذقية بالحصول على خدمة إنترنت سريعة ومستقرة يواجه عقبات متتالية، رغم الآمال التي رافقت سقوط النظام السابق، والتي حملت معها وعوداً بمستقبل رقمي أفضل وبنية تحتية تليق بالتطور التكنولوجي العالمي. ورغم تفاؤل السكان بتطور قطاع الاتصالات، لا تزال خدمات الإنترنت في الساحل السوري تُعاني من بطء شديد، وانقطاعات متكررة، وضعف في الجودة، بسبب الاعتماد على شبكات نحاسية متهالكة يزيد عمرها عن 30 عاماً.

ومع تصاعد المطالب بتحسين خدمات الإنترنت، بدأ الحديث بين المواطنين عن الإنترنت الفضائي كبديل واعد يمكنه كسر قيود الواقع الحالي، إلا أن السلطات حذّرت، في بيان رسمي صدر في آذار الماضي، من إعلانات وتطبيقات تروّج لخدمات إنترنت فضائي عبر الأقمار الصناعية، ووصفتها بأنها محاولات احتيالية تهدف إلى اختراق الحسابات الشخصية والمصرفية، ما أثار مزيداً من الشكوك بشأن مستقبل هذه التقنية في البلاد.

ويأمل المواطنون في الساحل، كما باقي أنحاء البلاد، بالوصول إلى إنترنت يتيح لهم التواصل والعمل والتعليم دون تأخير أو انقطاع. ويؤكد مواطنون أن هذا لم يعد مجرد مطلب رفاهي، بل حاجة ملحة، وخاصة في ظل التوسع في الخدمات الرقمية عالمياً، والاعتماد المتزايد على الإنترنت في مختلف مجالات الحياة.

وتوفر شركة SpaceX الأميركية خدمة الإنترنت الفضائي من خلال مشروع “Starlink”، الذي يقدم اتصالاً عالي السرعة عبر أقمار صناعية، إلا أن التكاليف المرتفعة – والتي تتجاوز 1000 دولار أمريكي لتركيب العتاد الأولي، واشتراك شهري بين 50 إلى 140 دولاراً – تجعل الخدمة صعبة المنال لكثير من المواطنين، رغم كونها خياراً مثالياً للشركات، والمرافئ، والمؤسسات السياحية، والمناطق المعزولة عن الشبكة.

المهندس علاء.س، وهو أحد العاملين في قطاع الاتصالات في اللاذقية، قال لـ “السوري”:  “رغم مزايا الإنترنت الفضائي، إلا أنه لا يخلو من مخاطر، منها التشويش على الشبكات المحلية، إضافة إلى أن تشغيله يتم غالبًا بطرق غير رسمية، كما هو الحال في بعض مناطق إدلب. وقد يؤدي هذا إلى انقطاع مفاجئ للخدمة، إذ لا يمكن تسجيل الأجهزة بشكل نظامي على الموقع الرسمي لشركة ستارلينك”.

وأضاف أن الهيئة الناظمة للاتصالات أطلقت مؤخراً خدمة الشبكة اللاسلكية الخارجية، وهي شبكة مستقلة عن الهاتف الأرضي تهدف لتأمين الإنترنت في المناطق النائية، إلا أن هذه الخدمة محصورة بالمناطق غير المغطاة بتقنية ADSL، ما يجعل استفادة السكان منها محدودة.

ورغم التحذيرات الرسمية، تنتشر عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي عشرات الإعلانات التي تروج لأجهزة إنترنت فضائي بأسعار متفاوتة، وبعضها يُباع بأسعار مقاربة لتلك المعتمدة في إدلب أو مناطق أخرى خارجة عن سيطرة الحكومة، في ظل غياب واضح للرقابة من وزارة الاتصالات، ما يثير تساؤلات حول أسباب عدم تنظيم هذا السوق المتنامي.

ويشير مواطنون إلى وجود فوارق بين أنظمة “ستارلينك” و”وولف أوتدور”، حيث تقدم الأخيرة خدماتها بأسعار عشوائية دون تسعيرة رسمية، في حين أن “ستارلينك” تلتزم بنطاق سعري متقارب في معظم الدول، مما يثير تساؤلات حول دور شركات الاتصالات المحلية في تأخير ترخيص الإنترنت الفضائي، ربما لحماية مصالحها التجارية، وسط تراجع جودة خدماتها وارتفاع أسعارها.

ويبقى التساؤل الكبير دون جواب، لماذا لا تقوم وزارة الاتصالات بترخيص الإنترنت الفضائي بشكل رسمي ووضعه تحت إشرافها ورقابتها؟، مثل هذا الإجراء يمكن أن يضمن حماية المستهلكين من عمليات الاحتيال، ويمنحهم حرية اختيار الخدمة الأنسب لاحتياجاتهم.

وفي ظل استمرار الواقع الحالي، يجد المواطن نفسه بين خيارين أحلاهما مُرّ: إما الاستمرار في معاناة الاتصالات المتدهورة، أو المجازفة باللجوء إلى حلول غير مرخصة، يدفع ثمنها من ماله وأمنه الرقمي، بينما تبقى الجهات المسؤولة بعيدة عن تقديم بدائل فاعلة.

- Advertisement -

- Advertisement -