تشهد النوادي الرياضية في مدينة حلب نشاطاً ملحوظاً وازدحاماً غير مسبوق من الشباب منذ عدة سنوات، حيث يتوافد الشباب بشكل يومي إلى صالات كمال الأجسام، كلٌّ منهم يحمل هدفاً شخصياً يطمح لتحقيقه. بعضهم يسعى لخسارة الوزن واستعادة لياقته البدنية، والبعض الآخر يعمل على بناء جسم عضلي متناسق، فيما يطمح آخرون لتنشيط أجسامهم وتحسين حالتهم الصحية والنفسية من خلال الالتزام بالرياضة.
في أحد النوادي الرياضية الواقعة في حي الشهباء، يتحدث الشاب أحمد (٢٨ عاماً) عن تجربته قائلاً: “أداوم على النادي بشكل يومي منذ ثلاثة أشهر. هدفي الأساسي كان إنقاص الوزن، لكن مع الوقت وجدت في الرياضة متنفساً للطاقة السلبية وضغط الحياة. اليوم أصبحت الرياضة عادة يومية لا يمكنني الاستغناء عنها”. ويضيف بابتسامة: “لاحظت فرقاً كبيراً في جسمي وحالتي النفسية، أشعر بنشاط أكبر وثقة بالنفس لم أكن أمتلكها من قبل”.
أما الشاب محمد (٢٢ عاماً)، فقد كان هدفه مختلفاً قليلاً، إذ يقول: “منذ صغري وأنا معجب بأجسام الرياضيين المحترفين. بدأت التمرين بهدف بناء عضلات وتشكيل جسم قوي ومتناسق. أتمرن بشكل يومي تقريباً، وأتبع نظاماً غذائياً خاصاً يساعدني على تحقيق أهدافي”. ويؤكد محمد أن التزامه بالرياضة لم ينعكس فقط على مظهره الجسدي، بل أيضاً على نمط حياته كاملاً، من حيث الانضباط وتنظيم الوقت وحتى نوعية الطعام الذي يتناوله.
ومن جهة أخرى، كان لنا لقاء مع المدرب الرياضي كابتن حسام، الذي يعمل في أحد الأندية منذ أكثر من سبع سنوات، ويقول: “نلاحظ في السنوات الأخيرة إقبالاً متزايداً من الشباب على النوادي الرياضية، خاصة بعد الاستقرار النسبي في المدينة. كثيرون أصبحوا يفضلون استثمار وقتهم في الرياضة بدل الجلوس في المقاهي أو إضاعة الوقت على الهواتف”. ويضيف كابتن حسام: “مهنتي تتطلب الكثير من الصبر والمعرفة، حيث أقوم بإعداد برامج تدريبية مناسبة لكل شخص بحسب حالته الصحية وهدفه من التمرين. لا يقتصر الأمر على إعطاء تمارين فقط، بل أحرص أيضاً على توجيه المتدربين لكيفية استخدام الأجهزة بشكل آمن وتجنّب الإصابات، خاصة في ما يتعلق بالأوزان الثقيلة”.
ويؤكد المدرب أن رياضة كمال الأجسام لا تقتصر على بناء العضلات فقط، بل هي وسيلة لتحسين الصحة العامة وتعزيز الثقة بالنفس والانضباط الشخصي، ويضيف: “الشاب الذي يدخل إلى النادي بوزن زائد أو بحالة بدنية ضعيفة، يمكن أن يتحول في غضون أشهر إلى شخص مختلف تماماً، لا من حيث الشكل فقط، بل من حيث العقلية والروح. نحن لا ندرّب أجساداً فقط، بل نساهم في تشكيل شخصيات أكثر إيجابية وطموحاً”.
وتشير الملاحظة العامة إلى أن الرياضة في حلب لم تعد مجرد نشاط ترفيهي، بل أصبحت جزءاً من أسلوب حياة للعديد من الشباب، الذين وجدوا في صالات الرياضة ملاذاً آمناً يخرجهم من روتين الحياة اليومية ويمنحهم شعوراً بالإنجاز. وبينما تستمر النوادي الرياضية باستقبال المزيد من المرتادين، تبرز الحاجة لدعم هذه الأماكن وتطويرها، لما لها من دور مهم في دعم الصحة الجسدية والنفسية للمجتمع.