لكل السوريين

حول اليوم الدولي للسعادة

إعداد انعام إبراهيم نيوف

القسم الأكبر للسوريين لا يعرف أن هنالك يوماً دولياً للسعادة، ولا تعني كلمة سعادة بالنسبة لهم سوى الحصول على بعض أساسيات الحياة، من الخبز والغاز والمازوت قبل نهاية الشتاء والسكن والدواء والعمل اللائق وغيرهم من الأساسيات لاستمرار الحياة بشكل لائق.

بين تقرير السعادة العالمي مدى الاهتمام العالمي المتزايد بالسعادة والرفاهية كمعايير للسياسات الحكومية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وعلى الرغم من اختلاف مفهوم السعادة من شخص لآخر ومن بلد لآخر، إلا أن الأمم المتحدة حددت مفهوم السعادة بمدى رضا الشخص عن حياته، ووضعت معايير لقياس السعادة في دول العالم، وهي:

نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي:

يقاس الناتج المحلي الإجمالي بقيمة السلع والخدمات المنتجة في البلاد، وكلنا نعرف أننا في سورية تقريبا لا ننتج إلا القليل من احتياجاتنا، بعد تقويض الإنتاج والاستعاضة عنه بالاستيراد، فالمنشآت الصناعية الإنتاجية (العام أو الخاص)، أو ما تبقى منها، شبه متوقفة لأن توليد الكهرباء لا يكفي، والمشتقات النفطية ومستلزمات الإنتاج مرتفعة الأسعار، والزراعة بتراجع مستمر، عدا بعض الزراعات المحلية التي لم تعد تكفي لتسد الاحتياجات وتزايد الاستيراد لها، اعتبارا من محصول القمح.

مؤشر الفساد

جاءت سورية في المرتبة الثانية بالأكثر فسادا، لتسبقنا الصومال بدرجتين، وفق المؤشرات العالمية.

انتشار العدل

مفهوم العدالة عندنا بأدنى درجاته، فالتباين والتمييز فاقع إلى درجة الفجور على مستوى مناحي الحياة كافة، وخاصة على مستوى التباينات الاجتماعية الذي ازداد حدة خلال سنوات الحرب والأزمة، لتضاف إلى ذلك عوامل المحسوبية والوساطة والنفوذ.

متوسط عمر الفرد

الصبر والأمل يبقونا على قيد الحياة البائسة، مع تدهور المستوى المعيشي وتوفر الغذاء إلى المستوى الصحي والنفسي إلى الضمان الاجتماعي إلى الخدمات وغيرها.

جودة الخدمة الصحية

مع تزايد أعداد المواطنين المفقرين غير القادرين على تحمل تكلفة زيارة الطبيب، أو إجراء التحاليل الطبية، وحتى تكلفة الوصفة الطبية، بعد الزيادات الرسمية المتلاحقة لأسعار الأدوية وندرة العديد منها، وانتشار الهشاشة والفساد ليطال معظم نواحي خدمات القطاع الصحي، فلا جودة في الخدمات الصحية، والتمييز بلغ أشده بين من يمتلك إمكانية تحمل تكاليف العلاج، ومن لا يملك هذه الإمكانية ليعاني من الأمراض.

حرية اتخاذ القرارات

نمتلك في سورية مستوى من التدني في حرية الصحافة والإعلام والتعبير والمطبوعات والتجمع وغيرها، وحتى قرار استكمال التعليم ليس فرديا، فهو مرتبط بمنعطفات مفروضة وغير متحكم بها، سواء للانتقال من مرحلة التعليم الأساسي إلى الثانوي، أو من مرحلة التعليم الثانوي إلى الجامعي، وصولا إلى مرحلة الدراسات العليا، وكذلك يمكن للإنسان ان يخطط لإقامة احتفال خطوبة أو زواج ، فيجب أن تطلب موافقة المخفر القريب منك قبل اتخاذ القرار النهائي والشخصي وكذلك اتخاذ قرارات مصيرية على المستوى الشخصي والفردي والأسري، أو على المستوى العام المجتمعي والسياسي والوطني.

وليس غريبا واستنادا على ما ورد سابقا، أن تحتل سورية المرتبة الرابعة على المستوى العالمي في مؤشرات البؤس المعمم والمكرس على المواطنين غير الراضين عن حياتهم، بسبب سياسات الإفقار والتجويع والتمييز وقضم الحقوق، مع نهج إنهاء الدعم بكل أشكاله ومطارحه، وفي ظل غياب خطط التنمية الاقتصادية الاجتماعية الجدية والجادة التي من المفترض أن تنعكس على حياة المواطنين معيشيا وخدميا، وصولا إلى الرفاه الذي يسمعون عنه، ولا يعرفونه مع كل الأسف.