لكل السوريين

الكثافة السكانية أحد أسبابها.. إيجارات لاهبة في العاصمة السورية

دمشق/ مرجانة إسماعيل

تشهد أسعار العقارات والإيجارات في دمشق ارتفاعاً ملحوظاً خلال هذه الفترة، رغم جمود السوق. إذ لا يمكن أن نتحدث عن أقل من مليوني ليرة إذا قررت استئجار منزل بكسوة عادية وفي منطقة الريف ربما، حيث يُعد هذا أقل سعر لاستئجار منزل مؤلف من غرفتين ومنافع.

وإذا أردت منزلاً يقع في وسط العاصمة بكسوة جيدة، فقد تصل تكلفة الإيجار إلى خمسة ملايين ليرة شهرياً، أي ما يعادل 500 دولار تقريباً، مع دفع المبلغ سنوياً أو نصف سنوي. فما بالك بمن يريد شراء عقار كامل في هذه الأيام؟ والسؤال هو: لماذا لم تنخفض أسعار الإيجارات والعقارات مع انخفاض سعر الصرف؟ وما الذي يحكم سوق العقارات حالياً؟

وتسجل دمشق منذ سنوات ارتفاعاً حاداً في أسعار الإيجارات، ما جعل تأمين سكن مناسب تحدياً كبيراً للمواطنين، كونها أكثر الأعباء المعيشية إلحاحاً على المواطنين، خاصةً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وانخفاض القدرة الشرائية.

يأتي ذلك في ظل أزمة سكن خانقة تعصف بالعاصمة وريفها، ما يدفع البعض إلى البحث عن بدائل في المدن البعيدة عن دمشق وفي المحافظات الأخرى، لكن ذلك ليس حلا، كون أزمة المنازل وصلت إلى كل المحافظات، حيث بدأت حركة متسارعة لعودة السوريين، اللاجئين والنازحين، منذ الإطاحة بالأسد.

يعود ارتفاع الإيجارات في المدن السورية، وخاصة دمشق، إلى عدة عوامل متفاوتة، منها نقص المعروض من الشقق الجاهزة للسكن، نتيجة التدمير الواسع للبنية التحتية خلال فترة الحرب، وارتفاع تكاليف البناء والترميم، إضافة إلى غياب الضوابط القانونية الرادعة التي تنظّم سوق الإيجارات والتي تُعد من أبرز تلك العوامل.

تختلف إيجارات البيوت بشكل كبير بين منطقة وأخرى، بحسب أصحاب المكاتب العقارية، بل وحتى بين منزل وآخر ضمن نفس الحي، وذلك باختلاف مستوى تجهيز المنزل وموقعه.

ففي منطقة المزة، والتي تُعتبر من الأحياء الراقية في دمشق، يتراوح إيجار الشقة المفروشة والمجهزة بالكامل بين 600 دولار أميركي و2000 دولار أميركي، وربما أكثر في بعض الأبنية الحديثة أو القريبة من الأوتوستراد. ويؤكد أحد أصحاب المكاتب العقارية في دمشق أن الطلب على هذه المنطقة عالٍ بسبب قربها من الجامعات والسفارات، ما يرفع الأسعار باستمرار.

من جهة أخرى، يشتكي المستأجرون من “العمولة” التي تطلبها المكاتب العقارية والتي تصل إلى نصف قيمة الإيجار الشهري، حتى لو كانت فترة الإيجار قصيرة. في حين يبرر أصحاب تلك المكاتب هذا الأمر بارتفاع التكاليف التشغيلية وصعوبة إيجاد خيارات مناسبة في السوق العقارية.

يأتي ذلك في ظل غياب الرقابة على المكاتب العقارية ووضع آليات واضحة لأسعار الشقق السكنية، خاصة في ظل ارتفاع الطلب وانخفاض العرض، حيث أصبح المستأجر عرضة للاستغلال والابتزاز.

وتعد أزمة الإيجارات انعكاسا مباشرا لتحديات اقتصادية واجتماعية واسعة، تتطلب حلولاً استراتيجية تبدأ بإعادة تأهيل ما يمكن من الأبنية المتضررة، ووضع تشريعات تضمن استقرار سوق الإيجارات، ليحصل المواطن على حلول واقعية مستدامة.