تقرير/ بسام الحمد
في واحدة من أكثر المناطق الزراعية حيوية في سوريا، يواجه القطاع الزراعي في وسط البلاد انهياراً غير مسبوق، بفعل تضافر عوامل مزمنة ومستجدة، أبرزها: الجفاف الحاد، ارتفاع أسعار الوقود، وغياب الدعم الزراعي.
وتتصاعد المخاوف من تراجع كبير في إنتاج القمح هذا العام، ما يهدد بكارثة غذائية واسعة، في وقت لا تزال فيه البلاد تعاني من تبعات الحرب، وسط أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة.
ويطالب المزارعون والجهات الفاعلة في القطاع الزراعي بتوفير المازوت بأسعار مدعومة، إلى جانب دعم مالي وفني عاجل، وإطلاق خطة طوارئ لمواجهة آثار التغير المناخي، مؤكدين أن تجاهل هذه المطالب قد يؤدي إلى كارثة تبدأ من الريف وتمتد إلى كل بيت في سوريا.
وشهدت سوريا بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 وكانون الثاني/ يناير 2025 موجة جفاف مبكرة حدّت من إمكانية الوصول إلى الحقول الزراعية وخفضت كميات الأمطار، ما تسبب في انخفاض المساحات المزروعة والمحاصيل، وتراجع إنتاج الحبوب المتوقع في 2025.
وتراجع الإنتاج الزراعي لا ينحصر في وسط سوريا، إذ إن ملايين السوريين يواجهون كارثة غذائية وشيكة بسبب الجفاف الشديد الذي تعرّضت له سوريا خلال هذا العام، وهو ما أدى إلى خسارة ما يقدر بنحو 75 بالمئة من محصول القمح المحلي، ما يفاقم الوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” من هذا الاحتمال الذي يستدعي تحركات عاجلة من الجهات الحكومية والدولية للتصدي لهذه الأزمة ومنع تفاقمها.
بحسب ممثل “الفاو” في سوريا طوني العتل، فإن المنظمة تتوقع نقصاً في الغذاء يبلغ 2.7 مليون طن من القمح هذا العام، وهو ما يكفي لإطعام 16.3 مليون شخص على مدار العام، وفق وكالة “رويترز”.
وللمساعدة في مكافحة الوضع، تتخذ الحكومة تدابير، بما في ذلك الحدّ من زراعة المحاصيل التي تحتاج إلى الكثير من المياه، حسبما أوضحت وزارة الزراعة السورية.
وبسبب عدم قدرتها على شراء القمح والوقود، سعت الإدارة السورية الجديدة جاهدة لرفع العقوبات التي عزلت الاقتصاد السوري لسنوات، وتعلق وزارة الزراعة السورية آمالها على قرار رفع العقوبات عن البلاد مؤخرًا، بأن يسهم في تحسين القطاع الزراعي، من خلال السماح باستيراد الأسمدة وتكنولوجيا الري، مؤكدة أن فتح الاقتصاد سيسمح أيضًا بالاستثمارات والحلول لمواجهة آثار الجفاف.
وزارة الزراعة شدّدت على أن رفع العقوبات لا يحل أزمة الجفاف بذاته، لكنه يوفر الوسائل والإمكانات التي تمكّن الحكومة والمزارعين من الاستجابة بكفاءة للجفاف عبر تحديث أنظمة الري وتحسين الإنتاجية، وتقوية الأمن الغذائي.
ومنتصف الشهر الجاري، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيأمر برفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، كما وافق الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، على رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وهو ما اعتُبر إنجازاً تاريخياً من شأنه أن تعزز الأمن والاستقرار والازدهار.
وقدرت منظمة “الفاو” إنتاج الحبوب في سوريا عام 2024 بنحو 3.4 ملايين طن، أي أقل بـ 13 بالمئة من متوسط السنوات الخمس الماضية، وبنحو 33 بالمئة من المعدّل الذي سبق عام 2011، الأمر الذي يتطلب تدخلاً حكومياً لاستيراد القمح لسدّ تلك الفجوة، والحيلولة دون حدوث أزمات غذائية، خصوصاً في ظل الاعتماد المُفرط من قبل السوريين على القمح، باعتباره المصدر الأساسي للغذاء.
وكان برنامج الأغذية العالمي كشف في نيسان/أبريل 2025 أن أكثر من 13 مليون شخص في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، منهم 3.1 ملايين يواجهون انعداماً شديداً، مع تراجع المساعدات الإنسانية بنسبة 80 بالمئة خلال عام 2024، مما ضاعف حدة الأزمة.