حماة/ جمانة الخالد
تشهد سوق العقارات في سوريا حالة من التضخم والاضطراب غير المسبوقين، بعد سقوط النظام السابق، إذ أصبح ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات سمة بارزة لهذه المرحلة.
يأتي هذا الارتفاع غير المسبوق في السوق العقارية على الرغم من تراجع أسعار بعض المواد بعد تحسّن قيمة الليرة أمام الدولار التي شهدت تدهورًا بالغًا على مدار سنوات الثورة السورية ضد الأسد، وأزاله العقوبات المفروضة على سوريا على مدار سنوات عدة.
ويشهد سوق العقارات في حمص وحماة ودمشق ارتفاعاً غير مسبوقًا إيجارًا وبيعًا، في ظل غياب الضوابط والرقابة الحكومية، فبات يتخطى إيجار المنزل الواحد أضعاف راتب الموظف الحكومي.
ففي العاصمة دمشق، تتراوح إيجارات المنازل حالياً بين 4 ملايين و20 مليون ليرة سورية شهرياً، فيما تتراجع الأسعار نسبياً في مناطق ريف دمشق، لكنها تبقى بعيدة عن متناول ذوي الدخل المحدود، حيث يعادل إيجار منزل متوسط نحو أربعة أضعاف الراتب الحكومي البالغ 390 ألف ليرة.
يواجه المستأجرون إلى جانب ارتفاع الإيجارات، مطالب بدفع مقدمات مالية ضخمة تصل إلى ستة أشهر أو سنة كاملة مسبقاً، مما يزيد من أعبائهم في ظل الظروف الاقتصادية المتردية.
ورغم أن غلاء أسعار العقارات في دمشق وخاصة على صعيد الإيجارات ليس جديدا، بل يعود إلى السنوات الماضية، فإن الحد الذي وصلت إليه في أعقاب سقوط نظام الأسد شكّل صدمة بالنسبة للكثير من السوريين الذين اتخذوا قرار العودة.
وقد تدفع هذه “الصدمة” كثيرين للتراجع عن القرار أو قد تجبرهم على البحث عن منازل بعيدة عن مراكز المدن، بمعنى ذهابهم إلى مناطق الأرياف البعيدة نسبيا، وهو ما تتم ملاحظته الآن.
وعلى الرغم من أن مدينة حماة، من المدن الأقل تضرراً بين المدن السورية، إلا أنها شهدت أيضاً ارتفاعًا غير مسبوقًا في إيجارات المنازل وأسعار العقارات على حد سواء، رغم أن البنية التحتية في المدينة تعد جيدة مقارنة بباقي المدن التي تعرضت للقصف.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة تحتاج سوريا إلى 400 مليار دولار لإعادة الإعمار، وقد يرتفع الرقم إلى تريليون دولار في ظل الحاجة لإعمار كل شيء نتيجة الدمار الكبير الذي تعانيه البلاد في المدن والقرى والبنى التحتية والقطاعات الإنتاجية، إضافة إلى الحاجة إلى مشاريع كبرى في الطاقة والنقل والنفط والغاز وغيرها.
وتشهد الأحياء غير المتضررة في مدينة حمص ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الإيجارات، لا سيما ضمن مركز المدينة، حيث تجاوز سعر إيجار بعض الشقق السكنية 15 مليون ليرة، ومع هذه الأسعار، يعزف كثيرون ممن أتيحت لهم فرص عمل في المدينة، سواء ضمن عمل حكومي أو في القطاع الخاص، عن العودة، لأن الدخل لا يكفي لسد إيجار المنزل.
أما في حمص، فإن الوضع ليس أفضل حالاً، حيث تجاوزت إيجارات الشقق في مركز المدينة 15 مليون ليرة، ما دفع كثيرين إلى الإحجام عن العودة رغم توفر فرص العمل.
ينذر الوضع المتفاقم الحالي بأزمة كبيرة في السوق العقاري خاصة في ظل غياب الضوابط التنظيمية للسوق، والمعاناة اليومية التي يعيشها السوريون بين البحث عن منزل واستنزاف مواردهم المالية وغياب الحلول الحقيقية والمستدامة.