لكل السوريين

البرد يقرع أبواب الشتاء وأهالي حلب بدون مازوت تدفئة

حلب/ خالد الحسين

تفقد رقية السالم ، (٤٠عاماً)، من سكان حي كرم حومد، شرقي حلب؛ الأمل في الحصول على مازوت التدفئة هذا العام، كونها لم تستلم الدفعة المخصّصة لها الشتاء الماضي.

وبغصّة، تقول “السالم”، للسوري: “نحن أكلت منا الحرب أرواحنا وأجسادنا، فمارح تقف على كم ليتر مازوت، خليها للحكومة بجوز تسدّ النقص عندها”.

وكما العام الماضي، ستعتمد “السالم” المُعيلة لأطفالها الثلاثة، بعد أن فقدت زوجها منذ ثمانية أعوام، على قصاصات القماش التي تجمعها من ورشة الخياطة التي تعمل فيها.

وتعيش “السالم”، مع أطفالها ضمن منزل عربي أشبه بالوحيد في الحي، مرّ عليها فيه شتاء قارس؛ احتاجت لتدفئة الغرفة فيه بشكلٍ متواصل.

ورغم أن قصاصات القماش يصدر عنها دخان يملأ المنزل، ويتسبّب بالتهاب في الرئة، إلا أنها الخيار الوحيد للتدفئة في فصل الشتاء، “الحكومة آخر همها تدفئة السكان”، تقول “السالم”.

وفي الرابع عشر من الشهر الماضي، أعلنت وزارة النفط السورية، بدء التسجيل على مازوت التدفئة لموسم 2022-2023، بكمية 50 ليتراً كدفعة أولى، بالسعر الحرّ من المحطات المخصّصة، عن طريق البطاقة الذكية، اعتباراً من مطلع هذا الشهر.

وأوضحت الوزارة لوكالة “سانا” التابعة للحكومة، أن أولوية التنفيذ ستكون لأقدم عملية شراء سابقة.

ويُباع المازوت بالسعر الحرّ في مناطق سيطرة الحكومة السورية، بسعر 2500 ليرة سورية، فيما يتراوح السعر في السوق السوداء ما بين3500 ليرة كحدٍّ أدنى إلى 5000 ليرة سورية.

ومع اقتراب الشتاء، إلا أن تركي مردلني، (55 عاماً)، وهو من سكان حي الشيخ سعيد، جنوب حلب، لم يستلم مخصّصات العام الماضي؛ من مازوت التدفئة.

ويسكن “مردلني”، في منزل من الدور العربية الكبيرة، تعرّضت إحدى زواياه للدمار بفعل الحرب، “وهو ما يزيد من قساوة الشتاء وبرودته القاتلة”، بحسب الخمسيني.

والشتاء الماضي، اعتمد “مردلني” للتخفيف من برودة الطقس، على قِطعٍ من الخشب، كسرها من إحدى الخزانات الخشبية الموجودة في المنزل، ليُدفئ عائلته المكونة من تسعة أشخاص، خمسة منهم في المدارس.

ويعمل الرجل ضمن محلٍ لإصلاح عجلات السيارات (كومجي)، في الحي، بمدخولٍ لا يتجاوز 300 ألف ليرة سورية، بحسب توفر العمل.

ويأمل “مردلني”، أن يكون لعائلته نصيباً من مازوت التدفئة للعام الحالي، بسبب وصول ليتر المازوت الحرّ لخمسة آلاف ليرة في السوق السوداء “ومن الصعب شرائه”، بينما المدعوم بقيمة 525 ليرة سورية.

وهذا الحال لا ينطبق على كافة سكان أحياء حلب، إذ كشف محمد الحسين، (40 عاماً)، وهو اسم مستعار لعامل في شركة محروقات بحلب، للسوري، عن إمكانية عائلات؛ التسجيل واستلام 500 ليتر من المازوت؛ بموجب دفتر العائلة.

ولكن لكي يتحقّق ذلك؛ يجب أن تكون تلك العائلة “مدعومة من أحد مسؤولي حلب، أو مقرّبة من جهة أمنية”، بحسب المصدر.

وقال “الحسين”: “قرار منح السكان عبر التسجيل عن طريق البطاقة الذكية، لم يلغِ القرارات الأخيرة قبل بدء العمل بالبطاقة الإلكترونية؛ مما ترك المجال متاحاً أمام فساد الأفرع الأمنية والمسؤولين للعمل فيه”.

وتنفِّذ شركة تكامل؛ مشروع البطاقة الذّكيّة، منذ تموز/ يوليو، 2014، واقتصر عملها في البداية على تزويد الآليات الحكوميّة والخاصة بمادة الوقود، وفي 2017، بدأوا بتوزيع مازوت التّدفئة عن طريقها.

وبحسب “الحسين”، فإنه من الطبيعي أن يحمل أي قرار حكومي “ثغرات للتنفيس؛ للحكومة ولرؤساء الأفرع الأمنية، وهم يتحكّمون في تفاصيل وصول المواد للسكان”.

كما كشف عن وجود أجهزة تعمل عبر البطاقة الذكية، وهي متاحة لتسليم المواد النفطية والتموينية “ولا تحتاج إلى تسجيل، وجاهزة لمنح المواد مباشرة ضمن محطة واحدة ومركز السورية للتجارة”.

وسجّل عبر برنامج “وين”؛ للحصول على مادة مازوت التدفئة خلال 72 ساعة من بدء التسجيل؛ 2 مليون و600 ألف مُكتتب؛ من أصل 4 مليون و155 ألف عائلة مُستحقِّة للدعم الحكومي، بحسب تصريح مصطفى حصوية؛ معاون شركة المحروقات في سوريا.

ويشتكي العديد من السكان من عدم استلامهم لمازوت التدفئة، سواءً الدفعة الأولى أو الثانية، أو الدفعتين معاً للعام الماضي، وتذمّروا من أن “حتى تطبيق (وين) المعتمد للتسجيل؛ لا يمنح المسجِّل أي معلومات حول تاريخ التسليم أو عدد المنتظرين على الدور”.

ولا يتمنّى سنان عسلية ، (25 عاماً)، وهو من سكان حي الملعب البلدي بحلب، دخول الشتاء؛ وخاصة أنه لا يملك مقوِّمات التدفئة لأبيه وأمه المعمّران في السن.

ويقول “عسلية”، للسوري، إنه استلم الدفعة الأولى فقط للسنة الماضية، وإلى الآن ينتظر الدفعة الثانية، وقد أمضى شتاء العام الماضي؛ معتمداً على الأغطية للتدفئة “وهي الحل الوحيد لهذا الشتاء أيضاً”.

ويرى الشاب، أن الحكومة بتخصيصها 50 ليتراً؛ من مازوت التدفئة، تتّبع سياسة “التطفيش من البلد”، على اعتبار أنه من المستحيل لأي عائلة تحمّل شتاء قاسٍ بهذه الكمية، رغم توفر المازوت في السوق السوداء ولكن بأسعار مرتفعة.