لكل السوريين

طرطوس.. أزمة المحروقات تفاقم أزمة النقل

تقرير/ أ ـ ن

مع اقتراب فصل الشتاء، تتعمق أزمة المحروقات في سوريا، حيث باتت المحافظات السورية تشهد شللاً شبه تام في وسائل النقل العام، إذ أدى نقص التوريدات إلى ارتفاع الأسعار في السوق السوداء، الأمر الذي ضاعف أجور النقل، خاصة في العاصمة دمشق.

وأن القرارات الحكومية المتخذة في هذا السياق أدت إلى تخفيض مخصصات النقل في المحافظات السورية حتى الحدود الدنيا إضافة لتخفيض مخصصات باصات النقل العام، ومنها محافظة طرطوس، وإيقاف تزويد وسائل النقل الجماعي من سرافيس وباصات الشركات الخاصة بالمحروقات، الأمر الذي أدى إلى توقفها عن العمل بشكل كامل.

لكن لم يحدد أي موعد لعودة مخصصات النقل لما كانت عليه سابقا، حيث تم تخفيض عدد طلبات المازوت لوسائط النقل العامة منذ بداية شهر أيلول/سبتمبر الجاري بسبب قلة التوريدات في جميع المحافظات، ما أثر سلباً على المواصلات، رغم إنه جرى زيادة عدد طلبات النقل بمقدار طلب ونصف الطلب، أي ما يعادل 30 ألف لتر يومياً، مشيرا إلى أنه يأمل أن تشهد تحسنا أكبر بواقع الطلبات المخصصة للعاصمة والتي تزود  بها من شركة سادكوب، لكن تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية مرتبط بالظروف العالمية، وتفاقم الأوضاع في البحر الأحمر، من دون الكشف فيما إذا كان هناك أسباب أخرى.

على الرغم من انخفاض أسعار المحروقات في النشرة الجديدة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، إلا أن هذا الانخفاض لم يكن سوى مجرد إعلان روتيني في ظل الأزمة الحالية وما تعانيه المحافظات السورية من نقص في التوريدات، الذي انعكس مباشرة على الأسعار.

هذا النقص ساهم إلى حد كبير في انتعاش السوق السوداء، وأحدث ارتباكا أيضا في الأسواق التجارية، على اعتبار أن أجور نقل البضائع سترتفع، خاصة أسعار الخضار والفواكه التي سجلت تفاوتا كبيرا خلال هذا الأسبوع، حيث ترافق ذلك مع أزمة النقل التي بدأت تتعمق خلال الأيام القليلة الماضية، بعد قرار تخفيض توريدات المحروقات بنحو 50 بالمئة.

السيد توفيق أحد تجار البازار بطرطوس أوضح وقال: إن ارتفاع الأسعار منذ أسبوع تقريباً، بسبب شح مادة المازوت، مقارنة مع زيادة الطلب على السيارات بالتزامن مع وفرة الإنتاج في المحافظات المنتجة، حيث أن أجرة السيارة التي تنقل الخضار والفواكه من القرى والمحافظات إلى سوق الهال بطرطوس أصبحت لا تقل عن المليون ونصف المليون ليرة، وذلك حسب كل سيارة وحمولتها، حيث يضاف إلى كل كيلو من الخضار أو الفواكه حوالي ثلاثمئة ليرة بين أجور نقل وعتالة وسمسرة، وبشكل طبيعي تضاف هذه التكاليف على سعر المنتج، على الرغم من انخفاض أسعار المحروقات في النشرة الرسمية، إلا أن أسعار الوقود في السوق الحر شهدت ارتفاعا وصل إلى 5000 آلاف ليرة زيادة ، فقد شهدت أجور النقل ارتفاعا بنسبة 300 بالمئة خلال الأسبوعين الماضي والحالي، في ظل عدم توفر المحروقات، ولم تحدد شركة سادكوب عن وقت انتهاء أزمة الوقود، يأتي ذلك بينما تشهد الأسواق ارتفاعا في الأسعار في ظل ارتفاع التضخم، إذ يخشى البعض من أن تتسبب هذا الأزمة بحدوث فوضى في التسعير، وسط غياب الرقابة، خصوصا على المواد الغذائية الأساسية.

بعض السرافيس والباصات تستمر بالعمل، لكن يتقاضون أجوراً مضاعفة بحجة نقص المازوت واضطرارهم لشرائه من السوق السوداء، إضافة إلى تحميل الركاب بأعداد تفوق السعة المسموح بها وبشكل مبالغ فيه، ويتذرع السائقون الذين يتقاضون مبالغ مضاعفة مرات عدة عن الأجرة الرسمية، بأنهم اضطروا لتعبئة سياراتهم بالمحروقات على نفقتهم الخاصة بالسعر الحر.

الآنسة الهام الموظفة في العقارية بطرطوس قالت: إن تخفيض مخصصات المحروقات وندرة وسائل النقل أدى لتفاقم الأزمة، فالركاب ينتظرون لساعات طويلة تحت الشمس، ويواجهون حجز المقاعد المسبق من قبل السائقين الذين يبررون رفع الأسعار بشراء المازوت من السوق السوداء، أزمة المحروقات المستمرة، أدت إلى تدهور وسائل النقل وزيادة معاناة المواطنين اليومية، انعكست هذه الأزمة بشكل كبير على حياة السكان، إذ أصبحت رحلات الذهاب إلى العمل أو المدرسة مهمة صعبة وشاقة، إذ ينتظر المواطنون ساعات طويلة في طوابير مكتظة، محاولين الحصول على فرصة للوصول إلى وجهاتهم، وبالرغم من الظروف القاسية، لا يبدو أن الحكومة قادرة على توفير حلول فعالة لتحسين وسائل النقل أو توفير المحروقات بالسعر المناسب، وفي ظل هذا الواقع، وجد أصحاب السيارات وسيلة لتحقيق مكاسب على حساب المواطنين، إذ قاموا برفع أجور النقل بشكل كبير مستغلين انعدام الرقابة الحكومية، كما تحولت بعض السيارات الخاصة إلى وسائل نقل غير رسمية تفرض أجورا باهظة، تاركة الركاب أمام خيارين: إما دفع الأسعار الباهظة أو مواجهة تأخير كبير في رحلاتهم.