إعداد أنعام إبراهيم نيوف
يعتبر يوم 25 تشرين الثاني، من كل عام، ومنذ عام1981، يوما عالميا لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في (18 كانون الأول 1979)، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو CEDAW”، ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في (3 أيلول 1981) كاتفاقية دولية بعد ثلاثين عاماً من الجهود والأعمال التي قام بها مركز المرأة في الأمم المتحدة لتحسين أوضاع المرأة ولنشر حقوقها.
إن العنف ضد المرأة في بلادنا، هو نتيجة لجملة من العوامل المتضافرة، بدءا بالنظرة الدونية التمييزية من المجتمع تجاه المرأة والأعراف والتقاليد والثقافة السائدة، مرورا بالنظرة النمطية تجاهها في المناهج التعليمية، حتى القوانين الناظمة في البلاد، فالعنف ضد المرأة له أشكال عديدة منها العنف في محيط الأسرة، ومنع المرأة من ممارسة حقها بالزواج لأسباب اقتصادية أو اجتماعية، جرائم القتل من أجل الشرف، والعنف في إطار المجتمع مثل الاغتصاب والتحرش الجنسي والإرغام على البغاء والعنف الإداري بسبب التغاضي عن الجرائم التي ترتكب في حق المرأة بدعوى أنها أمور أسرية خاصة وعدم وضع عقوبات رادعة لمرتكبيها لمعظم حالات العنف.
يحل اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة على النساء السوريات هذا العام 2024، في ظل ظروف صعبة من وجوه متعددة، فقد ارتكبت بحقها جميع الانتهاكات، وتحملت المرأة العبء الأكبر في الأزمة السورية، فقد تم زجها في خضم حروب دموية ومعارك لم تعرف البشرية مثيلا لها بأنواع وصنوف القتل التدمير، وأمست المرأة السورية هدفاً للقتل بكل أشكاله، والتهجير والفقر والعوز، والتعرض للاعتداء والعنف الجسدي والمعنوي وانتهاك كرامتها وأنوثتها، بل وضعتها ظروف اللجوء في اجواء من الابتزاز والاستغلال البشع، وتعرضت المرأة لأشكال جديدة من العنف والاكراهات التي مارستها الجماعات المسلحة التكفيرية وما يسمى ب” قضاءها ومحاكمها الشرعية”، والتي سعت إلى فرض بعض الأنساق الثقافية المتخلفة والهمجية بحق المرأة، وانزلت المرأة إلى مراتب دون مستوى البشر، مقيدة حريتها بشكل كامل، وموجهة الأجيال الصاعدة نحو ثقافة تضع المرأة في مكانة دونية قد تصل حد جعلها سلعة تباع وتشرى ويرسم مصيرها من دون الاكتراث بكيانها الإنساني.
لم تختلف كثيرا هذه الاعتبارات بعد 2011، إلا أنها أصبحت أكثر غيابا في ظل الوضع الكارثي في سوريا، ماعدا مناطق الإدارة الذاتية، حيث للمرأة الحضور المميز والاحترام والتقدير وقيادة المجتمعات المتواجدة بها.
إن مصطلح العنف ضد المرأة يندرج تحته مختلف ألوان التمييز وجميع الانتهاكات التي تطال شخص المرأة، والتّمييز والعنف مصطلحان يسمّيان القمع والاضطهاد بحق المرأة في الصّكوك الدّوليّة وفي الاتفاقيات والتشريعات والبروتوكولات الملحقة الدولية المتعددة المتعلقة بحقوق المرأة التي صدّقت عليها غالبية الدول في العالم، وفي جميع أدبيات حقوق الإنسان. ومع تصاعد التمييز والاضطهاد والعنف وتعدد أشكاله الواقعة على النساء في سوريا، فإننا نذكر بضرورة استمرار النضال من أجل ايقاف جميع أشكال العنف والتمييز ضد المرأة سواء كان قانونيا أم مجتمعيا أم اقتصاديا، وبضرورة العمل المتواصل من اجل تغيير جميع القوانين التمييزية ضد المرأة في قانون الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات، وسنّ التشريعات والأنظمة العصرية التي تحد من اضطهاد ومنع المرأة من القيام بمهماتها ووظائفها، بما في ذلك نيل وممارسة حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كافة، جنباً إلى جنب مع الرجل، وبما يتفق مع إمكانياتها وخصائصها الإنسانية، التي أكدت عليها التعاليم والمثل الدينية والمبادئ والمفاهيم الأخلاقية، والقيم والمعايير الكونية، والقوانين. والتشريعات العالمية الإنسانية،
لا يمكننا إلا أن نحتفي بهذا اليوم العظيم تقديرا للمرأة وتكريما لدورها ووفاء لتضحياتها، وإصراراً على ضرورة تحسين أوضاعها وإعلاء منزلتها وتعزيز ثقافتها وانتزاع حقوقها وإقرارها، ومن اجل بناء وصيانة مستقبل آمن وديمقراطي للسوريين جميعا، وإننا نتقدم بالتهاني المباركة لجميع نساء العالم، ونحيي نضالات الحركة النسائية المحلية و العالمية، ونعبر عن تضامننا الكامل والصادق مع جميع النساء، ونؤكد على إن كل يوم وكل عام هو للنساء السوريات، فلا معبر للسلم والسلام إلا بالتطبيق الكامل لحقوق المرأة في سوريا، لأنها حقوق الوطن والمواطنة كلها، ونعلن عن تضامننا الكامل مع الضحايا من النساء، سواءً من تعرضن للاعتقال التعسفي أو للاختطاف والاختفاء القسري أو اللاجئات وممن تعرضن للاغتصاب أو لأي نوع من أنواع العنف والأذية والضرر، والنساء الجرحى، ومع أسر الضحايا اللواتي تم اغتيالهن وقتلهن.