لكل السوريين

الجزيرة السورية.. تاريخ وماضٍ عريق وحاضرٌ منير

ورد اسم (الجزيرة) أي المنطقة المحصورة بين دجلة والفرات، في الكتاب المقدس في سفر التكوين باسم “أرض شنعار”، وأطلق عليها اليونانيون اسم “ميزوبوتاميا”، وكان المؤرخ اليوناني بوليبوس أول من استخدم مصطلح الجزيرة السورية، وسماها ابن خلدون في معرض حديثه عن منازل مضر بالجزيرة الفراتية، كون نهر الفرات يحدها من الشمال والغرب والجنوب فهو يحدها من معظم اجزاءها

حدود الجزيرة الفراتية

اعتمد أغلب الجغرافيون في توصيفهم لإقليم الجزيرة وحدودها، وقالوا يحدها من الشمال جبال طوروس، ومن الشرق والشمال الشرقي نهر دجلة، أما من الغرب والجنوب الغربي نهر الفرات، وبادية الشام وتشكل سهول أرض العراق حدودها الجنوبية.

أقسام ومناطق الجزيرة الفراتية

قسمت الجزيرة السورية بحسب الجغرافيون العرب الى ثلاث أقسام، تحمل أسماء القبائل العربية التي هاجرت إليها قبل الإسلام، واستقرت فيها فكانت هناك ديار بكر وديار ربيعة وديار مضر، وهذه الأسماء والتقسيمات بدأت تظهر عند الجغرافيون العرب في القرن الثالث والرابع الميلادي.

منطقة ديار بكر هي أصغر اقسام الجزيرة الثلاث واقصاها الى الشمال، أما منطقة ديار مضر تمتد بمحاذاة نهر الفرات، وتمتد لتشمل كافة الأماكن التي يرويها البليخ الذي يصب في نهر الفرات شرقي الرقة، التي تعد من أهم وأكبر مدن ديار مضر، وتقع ديار ربيعة جنوب ديار بكر وشرقي ديار مضر، وتشغل منطقة الخابور والأراضي التي يرويها الزاب الأعلى والزاب الأدنى في الأراضي العراقية، وأهم مدن تلك الديار مدينة الموصل والقامشلي.

الوجود البشري وقِدَمِه في الجزيرة الفراتية

عرفت هذه المنطقة أقدم المكتشفات التي تدل على وجود الانسان، ففيها تم اكتشاف الألواح المسمارية التي انشأت الحرف الابجدي الأول في تاريخ البشرية، كما اكتشف فيها أقدم سلاح استخدمه الإنسان، وكذلك اكتشف مجسمات وتماثيل تجسد حياة الإنسان، ومعتقداته قبل آلاف السنين من الميلاد وكل بقع في أرض الجزيرة، لا تكاد تخلو من أثر أو تل يخفي تحته آلاف الاسرار، عن الحضارات المتوالية في المنطقة، التي من أشهرها سمر وأكاد وبابل وآشور وكلدان وآرام، كما احتل الفرس المنطقة فترة من الزمن.

إن الآثار الدالة على تلك الحضارات عديدة، منها ما تم اكتشافه بواسطة الباحثين وعلماء الآثار الذين تهافتوا على المنطقة من كل أصقاع المعمورة، ونبشوا تربتها لينقلوا للعالم مكتشفاتهم عن أقدم وأجمل الحضارات، والتي تعكس مقدار الثقافة الإنسانية والحضارة العمرانية.

والجدير بالذكر أن محافظة الحسكة اليوم تضم 1043 تل أثري، تعود معظمها للحقبة الآشورية، لا شك أن سكن القبائل في الجزيرة الفراتية لا يقتصر إلى تاريخ ربيعة وبكر ومضر، والتي كانت قبل الإسلام بل يعود إلى عدة قرون قبل ظهور الإسلام، وقد اعتنقت الكثير من القبائل العربية الديانة النصرانية في الجزيرة الفراتية، وأطلق كذلك الجغرافي المعروف سترابو اسم المناطق الجبلية الكردية، على مناطق في الجزيرة ناهيك عن الأسماء اللاحقة في صدر الإسلام لمناطق الجزيرة كما أسلفنا في ذكر ديار ربيعة وديار مضر وديار بكر.

التغيرات الحاصلة في الجزيرة الفراتية

الجزيرة الفراتية بحدودها الحالية باتت مقسمة بين تركيا وسوريا وجزء في العراق، و بحسب المعجم الجغرافي يبدأ القسم الأول من حدود معاهدة لوزان عند جنوب بانياس حتى محطة الراعي في محافظة حلب، والقسم الثاني يبدأ من محطة الراعي إلى نصيبين الحدودية بين سوريا وتركيا، وفي هذا القسم تفصل الجزيرة السورية عن تركيا، واعتمدت سكة حديد قطار الشرق السريع الخط الحدودي الفاصل بين سوريا وتركيا، وهكذا تكون تركيا قد غنمت بهذه الحدود قسماً كبيراً من أراضي الجزيرة الفراتية الخصبة، وأما القسم الثالث فيمتد من نصيبين وجزيرة ابن عمر على نهر دجلة.

تقرير/ علي الأسود