لكل السوريين

سوريا التي نحلم بها.. تبدأ من الناس

في خضم البحث المضني عن مخرج من الكارثة السورية التي طحنت البلاد لأكثر من عقد، يبرز في الأفق نموذج جديد نابع من التجربة ومن إرادة الناس، نموذج لا يُفرض من فوق، ولا يُملى من الخارج، بل يتشكل من رحم المعاناة اليومية، ومن قدرة المجتمعات على تنظيم نفسها وبناء مستقبلها رغم الخراب.

إن سوريا التي نحلم بها ليست تلك التي تُدار من قصر معزول في العاصمة، ولا تلك التي تُختزل في طغيان مركزي أو فوضى مسلحة.

سوريا التي نحلم بها تعددية ديمقراطية، ينهض فيها كل مكوّن بدوره، وتكون إدارتها انعكاساً حقيقياً لإرادة القاعدة الشعبية، لا امتداداً لأجهزة قمع أو نخب متوارثة.

لقد أثبت الواقع أن المجتمعات المحلية، حين تتحرر من الاستبداد والإرهاب، قادرة على إعادة بناء ذاتها، وتنظيم أمنها، وتقديم خدماتها، وإحياء ثقافتها، وإشراك نسائها، وتأمين تعليم أطفالها، ووضع أسس اقتصاد متوازن ينهض من ركام الحرب.

ونحتاج لتحقيق ذلك، إلى الإيمان بإمكانيات الناس حين تُفتح أمامهم أبواب المشاركة.

وما نشهده اليوم في بعض مناطق شمال وشرق سوريا، ليس مجرد تجربة ناجحة على المستوى المحلي، بل هو مخطط أولي لدولة المستقبل، دولة ليست ملكاً لحزب أو طائفة أو عائلة، بل هي حصيلة شراكة حقيقية بين جميع السوريين، بلا إقصاء ولا وصاية ولا استبداد.

إن هذه التجارب، بما فيها من تحديات ونواقص، تستحق أن تُقرأ بعين الباحث عن حل، لا بعين المتربص أو المتعصب، فقد يبدأ طريق الخلاص السوري من تلك المناطق التي طالما تجاهلتها النخب، وهمشتها الأنظمة، وخذلتها المعارضات.

سوريا التي نحلم بها ليست مجرد شعارً، بل هي واقع يتشكل على أسس بعيدة عن المركزية، وبين أيادي أناس يعرفون كيف يُبنى الوطن.

هيئة التحرير