تقرير/ اـ ن
في ظل الانقطاع الطويل والمتكرر للتيار الكهربائي منذ عام 2017، بات نظام “الأمبيرات” المعتمد على مولدات الكهرباء الخاصة، واقعًا شائعًا في محافظتي طرطوس واللاذقية، وسط طلب متزايد وغياب أطر قانونية واضحة تنظم هذه الخدمة.
وتحوّل نظام “الأمبيرات”، الذي بدأ بالظهور بشكل فعلي منذ عام 2020 بعد السماح به عام 2019، إلى بديل للكهرباء العامة في المناطق التي تعاني من تقنين قاسٍ. يعتمد هذا النظام على اشتراك المواطنين بكميات محددة من الطاقة الكهربائية تُولد عبر مولدات خاصة، يحدّد سعرها بناءً على كلفة المازوت. إلا أن الأسعار غير مستقرة نتيجة تقلبات سوق المحروقات، وتفاوت شروط التشغيل من منطقة إلى أخرى.
ورغم انتشاره الواسع، لا يزال الوضع القانوني لتجارة “الأمبيرات” يكتنفه الغموض، إذ تُمنع في بعض المناطق بموجب تعاميم رسمية، بينما يُتغاضى عنها في مناطق أخرى، ما يفتح الباب للفوضى والمخاطر الفنية والبيئية. فمعظم هذه المولدات تُركب بطرق عشوائية ومن دون تخطيط هندسي، ما يشكل تهديدًا مباشراً على سلامة السكان.
ويتطلب تنظيم هذه التجارة استثمارات ضخمة، تشمل شراء مولدات عالية المواصفات تتجاوز قيمتها 600 مليون ليرة سورية، إضافة إلى تمديدات كهربائية وكابلات خاصة، وكادر تقني متكامل. ووفقاً لأحد أصحاب المولدات في حي المشبكة بطرطوس، فإن مولدة واحدة باستطاعة 160 كيلوواط يمكن أن تنتج فعلياً نحو 130 كيلوواط، وتحتاج إلى صيانة دورية كل 200 ساعة عمل، وتكاليف تشغيل تصل إلى نحو 7 ملايين ليرة شهريًا.
ويضيف، أن سعر “الأمبير” الأسبوعي يتراوح بين 50 إلى 60 ألف ليرة، وفقاً لتكلفة المازوت، مع تشغيل يومي يمتد من الساعة العاشرة صباحاً حتى منتصف الليل، مع استراحة ساعتين. كما تُفرض رسوم إشغال بلدية تصل إلى 1.17 مليون ليرة كل ثلاثة أشهر، وتُشترط المعاينة الفنية لموقع المولدة لتفادي الإزعاج والتلوث.
هذا الوضع يخلق واقعاً معيشياً غير عادل، حيث تقتصر خدمات المولدات على القادرين مادياً، بينما يواجه المواطنون الآخرون عتمة شبه دائمة. ويطالب الأهالي بضرورة تنظيم هذا القطاع عبر قوانين واضحة، تضمن السلامة العامة وتراعي الظروف المعيشية، خصوصًا بعد رفع أسعار الكهرباء الرسمية، واستمرار شح التغذية في معظم المناطق الساحلية.
في ظل انسحاب الحكومة تدريجياً من مسؤولياتها الخدمية، يزداد الاعتماد على “الأمبيرات” كحلّ مكلف ومؤقت، دون وجود استراتيجية شاملة لحل أزمة الطاقة التي باتت تشكل عبئاً يومياً على السوريين.