حلب/ خالد الحسين
في داخل المدينة الجامعية في حلب يواجه طلاب السكن الجامعي مشكلة متفاقمة تهدد بيئتهم الصحية والنفسية، تتمثل في انتشار النفايات داخل بعض الوحدات السكنية، وعلى رأسها الوحدة 13 والوحدة 18، حيث تتراكم القمامة بشكل ملحوظ داخل المطابخ وفي الأجنحة، ما يتسبب بانبعاث روائح كريهة، وخلق بيئة خصبة لانتشار الأمراض والحشرات، الأمر الذي أثار استياءً واسعًا بين الطلاب، ودفعهم إلى توجيه نداءات متكررة للجهات المعنية لاتخاذ إجراءات فورية.
المطابخ في بعض الأجنحة تحولت من أماكن مخصصة للطهي إلى بؤر تكدّست فيها بقايا الطعام وأكياس القمامة لأيام دون رفعها، والنتيجة بيئة منفرة يصعب التعايش معها. الطلاب يؤكدون أن هذه الحالة لم تعد استثنائية، بل أصبحت شبه يومية، في ظل قلة عدد عمال النظافة، وضعف الرقابة من إدارة السكن، وتراخي بعض القاطنين في الالتزام بالسلوكيات الصحية
التقى “السوري” بالطالب “محمد الحسين”، أحد قاطني الوحدة 13، وهو طالب في السنة الثالثة بكلية الهندسة المعلوماتية، الذي عبّر عن استيائه قائلاً: “الوضع في المطابخ لا يُحتمل. الروائح كريهة جدًا، وأحيانًا نجد صراصير أو حشرات في المكان. للأسف هناك طلاب لا يرمون القمامة في الوقت المناسب، ويتركون بقايا الطعام في الأحواض وعلى الطاولات. حاولنا مرارًا أن ننظف بأنفسنا، لكن الوضع يحتاج إلى حل جذري يبدأ من إدارة السكن.”
أما الطالب ” أسعد الحلو “، من قاطني الوحدة 18، فعبّرت عن قلقها من الناحية الصحية، قائلة: “نخاف من انتشار الأمراض، خاصة مع الحرارة في الصيف. بعض الزملاء أصبحوا يعانون من الحساسية والربو، ولا يمكن تجاهل تأثير هذه البيئة على الصحة. المشكلة ليست فقط في النظافة، بل في غياب التوعية والمتابعة. نطالب بحملة تنظيف حقيقية تشارك فيها الإدارة والطلاب، وليس فقط الكلام في الاجتماعات.”
وفي ظل هذه المعاناة، يتزايد الحديث بين الطلاب عن ضرورة إعادة تنظيم خدمات النظافة داخل السكن الجامعي. ومن أبرز المطالبات التي برزت مؤخرًا، زيادة عدد عمال النظافة المخصصين للوحدات السكنية، خاصة تلك التي تعاني من كثافة سكانية مرتفعة. كما طرح عدد من الطلاب فكرة تفعيل حملات تنظيف جماعية دورية بمشاركة الطلاب أنفسهم، على أن تكون مرافقة بتوزيع مواد تنظيف وتعقيم مجانية لكل جناح، لتشجيعهم على الحفاظ على بيئة نظيفة.
واقترح آخرون أن تقوم إدارة المدينة الجامعية بإصدار نشرات توعية خاصة بالنظافة، تتضمن تعليمات واضحة حول كيفية التعامل مع النفايات والمطابخ، وأوقات محددة لرمي القمامة، إضافة إلى لوحات توجيهية تُعلّق في كل طابق. كما دعا بعض الطلاب إلى تطبيق عقوبات تدريجية على من يساهم في تلويث المكان أو يهمل نظافة الجناح، كوسيلة للحد من الفوضى وتشجيع الالتزام الجماعي.
الطلاب لا يطالبون بالكثير، بل يأملون أن تتحول المدينة الجامعية إلى بيئة حضارية حقيقية تليق بالطلبة، وتكون داعمة لمسيرتهم العلمية والبحثية. هم يدركون أن السكن الجامعي ليس مجرد مكان للنوم، بل هو مساحة للحياة اليومية، والتفاعل، والاستقرار النفسي، ما ينعكس بشكل مباشر على أدائهم الأكاديمي.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج السكن الجامعي في حلب إلى إدارة أكثر فاعلية، تتعامل مع قضية النظافة كأولوية لا تقل أهمية عن أي خدمة أخرى. فالاهتمام بالنظافة لا يقتصر على الشكل الجمالي، بل هو مسؤولية جماعية تمس الصحة العامة ومستوى الحياة الطلابية. وبين مطالب تحسين الخدمات، وتنظيم حملات النظافة، وتفعيل العقوبات، تبقى الكرة في ملعب الجهات المعنية التي يُنتظر منها أن تتحرك بجدية، لتعيد للمدينة الجامعية رونقها، وتمنح الطلاب بيئة تليق بطموحاتهم ومستقبلهم الأكاديمي.