لكل السوريين

مخاوف من تغيير ديمغرافي.. استياء شعبي من تغيير أسماء القرى في حماة

حماة/ جمانة الخالد   

في وقت لا تزال فيه عدة قرى علوية في سهل الغاب وريف حماة تتعرض لاعتداءات ممنهجة شملت عمليات القتل الميداني والتهجير القسري، والاستيلاء على ممتلكات السكان من منازل وأراضٍ زراعية، برز تطور جديد يثير مخاوف جدية بشأن حدوث تغيير ديموغرافي ممنهج يستهدف هذه القرى.

فقد أقدم أحد وجهاء بلدة خطّاب، على تغيير اسم قرية أرزة باسم “خطّاب الجديدة”، بعد تهجير سكانها من الطائفة العلوية، بحجة أنهم “من فلول النظام السابق”.

هذه الخطوة، التي تأتي في ظل تصاعد الخطاب الطائفي في المنطقة ضد أبناء الطائفة العلوية تحديدا، تُعدّ مؤشرا خطيرا على سعي بعض الشخصيات والقوى المحلية لترسيخ تغييرات ديموغرافية على الأرض، على خلفيات انتقامية وطائفية.

ونشر القيادي في فصيل “العمشات” أبو جابر الخطابي، المنحدر من بلدة خطاب في ريف حماة الشمالي، صوراً توثق تغيير اسم قرية أرزة ذات الغالبية العلوية إلى “خطاب الجديدة”، ما أثار موجة استنكار عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تحذيرات من تصاعد عمليات التهجير القسري ذات الطابع الطائفي في منطقة سهل الغاب.

وأظهرت الصور التي نشرها الخطابي عبر حساباته، قيامه بتصميم لافتة جديدة تحمل الاسم المعدل للقرية، بعد أسابيع من تهجير سكانها الأصليين وتوطين نازحين من بلدته فيها، وذلك خلال الأحداث الأخيرة في الساحل السوري.

يعتبر أبو جابر الخطّابي، أحد أبرز المحرضين ضد أبناء الطائفة العلوية، دعا فيها بشكل مباشر إلى التطهير العرقي والإبادة بحق العلويين، واحتفى بالاستيلاء على قرية أرزة وتغيير اسمها إلى “خطّاب الجديدة”، بعد تهجير سكانها.

والمدعو أبو جابر متهم بأنه المسؤولية المباشر عن مجزرة أرزة، التي وقعت في 7 آذار/مارس الماضي، حين اقتحمت مجموعة مسلّحة بقيادة الخطّابي من قرية خطاب، قرية أرزة، عقب موجة تحريض طائفي، وارتكبوا مجزرة راح ضحيتها ما يزيد عن 24 مدنيا، من الأطفال والشباب وكبار السن، أعقبها تهجير قسري لكل سكان القرية، وسرقة ممتلكاتهم، وإحراق عدد كبير من المنازل، طبقا للمصادر ذاتها.

ورغم ذلك، ما يزال حرا طليقا، بل ويواصل التهديد العلني لمنع أهالي القرية من العودة إلى منازلهم، في ظل صمت تام من السلطات في دمشق، وغياب أي خطوات نحو التحقيق أو المحاسبة.

ولا يزال أهالي أرزة مشرّدين، بلا مأوى أو تعويض، في وقت تتحول فيه قريتهم إلى رمز آخر من رموز الإفلات من العقاب والتغيير الديموغرافي القسري في سوريا ما بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وثّقت العديد من وسائل الإعلام والمنصات الحقوقية الجرائم والانتهاكات التي وقعت وما زالت تقع بحق قرى علوية عديدة في سهل الغاب وريف حماة، ومناطق الساحل السوري.

شملت الجرائم أيضا تهجير السكان والاستيلاء على البيوت والأراضي والمنع من جني المحاصيل الزراعية. طالت الجرائم والتهديدات المتكررة قرى الربيعة ونهر البارد والمسحل والتوبة وعين الكروم وعناب ونبع الطيب والصفصافية والصارمية والعالمية وتل سكين وغيرها، لكن أعنف تلك الاعتداءات وقعت في أرزة شمال غرب مدينة حماة، وفي العزيزية شمالي سهل الغاب.

وتبعد أرزة عن مدينة حماة 7 كيلومترات، وشهدت في نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي مجزرةٍ راح ضحيتها 8 أشخاص، جرى إعدامهم من قبل عناصر مجهولين. الأمر الخطير، فإن دعوات “تطهير القرية من العلويين” منذ ذلك الوقت لم تتوقف بعد، بل واستمرت حتى بلغت ذروتها في 6 من آذار/مارس، مع إعلان السلطات بدمشق للنفير العام وتصاعد دعوات الجهاد في المساجد والشوارع للتصدي لهجمات “فلول النظام السابق” في الساحل السوري.

في 7 آذار/مارس، اقتحمت أرزة مجموعات مسلّحة قادمة من قرية خطّاب التي تبعد 3 كم، وجرى اقتحام بيوت عديدة وسحب الرجال منها وإعدامهم ميدانيا، وبلغ عدد ضحايا المجزرة 26 شخصا بينهم امرأة.

لم يمنع الأمن العام دخول المجموعات المسلحة إلى القرية، وفق العديد من المصادر المحلية التي نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي.

وتعرض 150 منزلا للنهب، واستولى عدد من أبناء قرية خطّاب على منازل فيها، مع دعوات لمصادر الأملاك فيها. كثيرون ممن عادوا لتفقد منازلهم وأرزاقهم لاحقا، وجدوا عائلاتٍ قد احتلتها.

الأمر لم يتوقف عند قرية أرزة فقط، فقد شهدت قرية العزيزية في سهل الغاب سيناريو مشابها، حيث تلقى أهالي القرية تهديدات بإخلاء منازلهم من قبل أشخاص من قرية تمانعة الغاب المجاورة، مع هجمات متكررة على القرية وجرائم خطف وقتل وإطلاق نار عشوائي في القرية.