لكل السوريين

على مسمع ومرأى حكام العرب.. أحفاد نيلسون مانديلا يقاضون إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية

بعد أن عقدت جلسات استماع على مدار يومين، من المتوقع أن تصدر محكمة العدل الدولية قراراً أولياً يأمر بإنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وبحسب المحكمة، سيصدر القرار في وقت قريب، في حين قد يستغرق صدور القرار النهائي بشأن تهمة الإبادة الجماعية عدة سنوات.

وكانت جنوب إفريقيا قد تقدمت إلى المحكمة بشكوى ضد إسرائيل بشأن ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في الحرب الدائرة في غزة منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي.

وبادرت منظمة التعاون الإسلامي بالإعلان عن دعمها لخطوة جنوب إفريقيا، مؤكدة أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، وأنها تستهدف السكان المدنيين في غزة بشكل عشوائي.

كما ساندت الخطوة جامعة الدول العربية، وعدة دول من مختلف القارات مثل ناميبيا وباكستان وماليزيا وتركيا.

وبالمقابل وقفت الولايات المتحدة والدول الغربية مع إسرائيل، ونفت بشدة الاتهامات الموجهة لها بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية، فيما اتخذت إيرلندا موقفاً وسطياً، حيث تأمل في صدور أمر من محكمة العدل الدولية بوقف إطلاق النار في غزة، ولكنها ترى أن قضية الإبادة الجماعية في القطاع “بعيدة كل البعد عن الوضوح”.

ادّعاء شامل ومحكم

قدمت جنوب أفريقيا للمحكمة ملفاً قانونياً يتألف من 84 صفحة، يؤكد أن أفعال إسرائيل “تحمل طابع الإبادة لأنها تهدف إلى الدمار بجزء كبير من الفلسطينيين في غزة”.

وحسب الملف، تشمل أعمال الإبادة  “قتل الفلسطينيين، والتسبّب بضرر جسدي ونفسي خطير، وتعمّد خلق ظروف تهدف إلى تحقيق تدميرهم الجسدي كمجموعة”، كما أشار الملف إلى أن التصريحات العلنية للمسؤولين الإسرائيليين تؤكد نية الإبادة.

وقالت جنوب أفريقيا إنها طرحت الموضوع مع إسرائيل في منتديات مختلفة قبل رفع القضية للمحكمة، وأعلنت عن الفريق القانوني الذي سيمثلها، ويضمّ عدداً من المحامين والخبراء القانونيين، وفي مقدمتهم جون دوغار، أحد أبرز خبراء القانون الدولي في البلاد، وكان مقرِّراً خاصاً للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، وعمل قاضياً في محكمة العدل الدولية سابقاً.

وذكر خبراء في القانون الدولي أن ملفّ جنوب أفريقيا “شامل للغاية” وقد تمّت “صياغته بعناية مطلقة”.

وأضاف الخبراء أن الملف “يسعى للرد على كل حجة محتملة من إسرائيل، ومعالجة أي ادعاء قد يشكك في اختصاص المحكمة”.

الردّ الإسرائيلي

أبدت إسرائيل اعتراضها الشديد على ما جاء في الدعوى المقدمة ضدها من قبل جنوب أفريقيا، ووصف الدفاع الإسرائيلي ما جاء من اتهامات في عريضة الدعوى بأنه “صورة مشوهة للغاية واقعياً ومنطقياً”.

وقال دفاع إسرائيل أمام المحكمة الدولية “إن حرب غزة جاءت في إطار حقها الشرعي في الدفاع عن شعبها”، واتهم حركة حماس بأنها هي التي تمارس الإبادة الجماعية.

وقال رئيس فريق الدفاع عن إسرائيل إن “جنوب أفريقيا قدمت للمحكمة، للأسف، حقائق وروايات قانونية مشوهة إلى حد كبير”.

وزعم أن عناصر من حركة حماس “عذبوا أطفالاً أمام ذويهم وآباء أمام أطفالهم وأحرقوا أشخاصاً واغتصبوا آخرين”، وشدد على أن الرد الإسرائيلي يأتي في إطار الدفاع عن النفس ولا يستهدف المدنيين. وأكد أن “إسرائيل منخرطة في حرب دفاعية ضد حماس وليس ضد الشعب الفلسطيني”.

وأشار إلى أن قضية جنوب أفريقيا “تعتمد على توظيف مختلق ومجرد من السياق ومتلاعب به لواقع الأعمال العدائية الحالية”، وانتقد استخدامها مصطلح “الإبادة الجماعية” كسلاح ضد إسرائيل.

سقوط السردية المزيفة

على الأرجح أن إسرائيل لن تلتزم بقرار وقف الحرب إذا صدر عن المحكمة، لكن مجرد إدانتها وفضحها أمام العالم ستكرّس تجريدها من الصورة الإيجابية التي سوّقتها عن نفسها منذ عقود، وتساعد في إعادة رسم الصورة الذهنية للفلسطينيين، التي شوّهتها إسرائيل والإعلام الذي يدور في فلكها، وتزيد من تعاطف العالم مع القضية الفلسطينية، حيث تستند إدانتها هذه المرة على قرار قانوني صادر عن محكمة دولية تابع العالم مداولاتها عبر مختلف وسائل الإعلام المحايدة والمتحيزة لإسرائيل والتي تسوّق سرديتها.

وحتى إذا أفلتت إسرائيل من جريمة الإبادة الجماعية، فإن سلوكها الإجرامي، وما ارتكبته وترتكبه ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، سيتضح أمام العالم بصفته جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وسيزيد السخط الدولي عليها، وستتساقط كل الأكاذيب الإسرائيلية التي غيّبت حقيقة أن الفلسطينيين يقعون تحت الاحتلال، وأن هذا هو أساس الداء، ودون علاجه لن تتم أية تسوية، وسيستمر شلال الدم، ولن تنعم المنطقة والعالم بالأمن والسلام.