لكل السوريين

القدر اختارها للحياة.. لكنها لا تستطيع أن تنسى

على الرغم من مضي عامين على هجمات الاحتلال التركي على عفرين, إلا أن الكثيرين ممن شهدوا تلك الهجمات الوحشية لا يزالون يتذكرون ما عاشوه.

المواطنة السورية شيرين إبراهيم مصطفى البالغة من العمر 23 عاماً لم تنسَ ما حصل معها في عفرين، بعدما تعرض منزلها للقصف وهدم جدار المنزل عليها.

شيرين ما تزال تعاني نفسياً من آثار القصف الذي طالهم في مقاطعة عفرين، فمع سماع كل صوت قوي, تبدأ بالصراخ والاختباء ظناً أن القذيفة ستسقط على خيمتهم, كما حدث معها في عفرين.

في الـ 20 من كانون الثاني/يناير 2018 شنت قوات الاحتلال التركي ومرتزقته هجوماً وحشياً على عفرين, بدأ بقصف بالطائرات الحربية والأسلحة الثقيلة, مستهدفين المدنيين بشكل مباشر, القصف التركي الوحشي أدى إلى استشهاد مئات المدنيين وآلاف الجرحى، وأحد الناجين من القصف الوحشي هي شيرين إبراهيم.

مع بداية الهجمات, أصّرت والدة شيرين على البقاء في المدينة، ورفضت الخروج من منزلها, مهما كان المصير فقد كانت تقول: “لن نخرج من أرضنا, مهما حصل ومهما كان الثمن”، وهنا تشير شيرين إلى أنها كانت تنام ولا تعلم هل ستستيقظ في اليوم الثاني أم لا.

بقيت تحت الأنقاض

في إحدى ليالي شهر آذار وعند الساعة الثانية, بدأ جيش الاحتلال التركي ومرتزقته بقصف حي “زيدية” في مدينة عفرين بشكل كثيف, وسقطت قذيفة على منزل شيرين, لينهار جدار الغرفة ويسقط عليها, فتبقى محاصرة بين الأنقاض.

وتستذكر شيرين تلك اللحظة، حيث كانت أقرب من الموت إلى الحياة, فتقول “استسلمت للموت، وأيقنت أن قدري هو الموت حتماً، ونطقت الشهادة”.

وتضيف لا أعلم ما حصل لي بعدها لأني فقدت الوعي, كل ما أذكره هو أن الأنقاض كانت تطبق على جسدي.

أصروا على إخراجها

وتقول شيرين نقلاً عن جيرانها الذي أخبروها عن تلك اللحظات, اعتقدنا أنك فارقتي الحياة, فطلبنا من أهلك الخروج من المنزل ومغادرته, لكن والدتك وشقيقك رفضوا الخروج، مصرّين على إخراجك من تحت الأنقاض.

أخوة شيرين ووالدتها, وبعد محاولات عديدة, وفي ظل استمرار القصف, والظلام الدامس نتيجة انقطاع التيار الكهربائي, تمكنوا من إزالة الأنقاض وإخراجها, لكنها كانت لا تزال غائبة عن الوعي.

و بعد إزالة الأنقاض, وإخراجها، ومحاولات عديدة لإيقاظها، تستعيد شيرين الوعي، لكنها لم تستطع الكلام ولأكثر من أسبوعين نتيجة الصدمة.

تقول عن هذه اللحظة : “إخوتي قاموا بنقلي محمولة على الأكتاف إلى جبل ليلون, سيراً على الأقدام ولساعات، إلى أن وصلنا”. “لم أتوقع النجاة, وأسلمت نفسي للموت, لكن يبدو أن القدر له رأي أخر”.

والآن تعيش مع عائلتها في مخيم “برخدان” في مقاطعة الشهباء, بعد أن أُجبرت كآلاف العائلات الأخرى على النزوح, وعلى الرغم من مضي عامين على تلك الحادثة, إلا أنها لا تزال تتذكر ذلك اليوم.

شيرين كغيرها من الذين تعرضوا لصدمات نفسيه نتيجة وحشية الاحتلال التركي, توضح “ما لقيته من عذاب تحت الأنقاض, وكيف كان الجدار يطبق على جسدي, لا أريده أن يتكرر”.

أفراد عائلة شيرين يحاولون مجاراتها ومساعدتها على نسيان تلك الأيام, لكنها بحاجة إلى معالجة طبية من قبل متخصصين, ولا يتوفر في الشهباء أطباء في هذا المجال, لتبقى تعاني شيرين إلى أن تنسى, أو تعود إلى ديارها فتحلّ عقدتها.

وكالة هاوار الإخبارية