لكل السوريين

نساء سوريا بين الأمل والقلق.. واقع متقلب وتعهدات تنتظر التفعيل

رغم الوعود التي أطلقتها سلطة دمشق منذ سقوط الأسد؛ بشأن حماية حقوق المرأة وتعزيز حضورها في الحياة العامة، لا تزال الكثير من النساء السوريات يتأرجحن بين الأمل والقلق، وسط مشهد انتقالي ضبابي، تتداخل فيه الشعارات بالتحديات الواقعية.

في وقت تُعلن فيه الحكومة نيتها تمكين المرأة وضمان حقوقها في مختلف المجالات، تظهر على الأرض مؤشرات متباينة. فالتصريحات الرسمية تؤكد على المساواة والشراكة السياسية، بينما تعكس بعض الممارسات اليومية نهجًا تقليديًا يهدد هذه المكتسبات ويقيد هامش المشاركة.

ناشطات في الشأن النسوي أكدن أن القلق المتزايد لدى النساء ليس مجرّد شعور عابر، بل نابع من واقع ملموس، خاصة في ظل التغييرات السياسية العميقة التي تمر بها البلاد. وأشرن إلى أن المرحلة الانتقالية تتطلب إرادة سياسية واضحة لضمان شمولية الحقوق، ووقف الاكتفاء بإشراك النساء كـ “زينة رمزية”.

واعتبرت بعض الأصوات النسوية أن تعيين ميساء صابرين حاكمة لمصرف سوريا المركزي خطوة لافتة، لكنها غير كافية في ظل غياب العنصر النسائي عن التشكيلة الوزارية الجديدة، وهو ما وصفنه بـ “تراجع في التمثيل النوعي” لا ينسجم مع حجم تضحيات النساء خلال السنوات الماضية.

انتهاكات فردية… أم ممارسات متجذّرة؟

وفيما يتعلق بحوادث متفرقة جرت في بعض المناطق، تتضمن فرض أنماط معينة من اللباس على النساء، وصفتها شخصيات نسوية بـ”الانتهاكات الفردية”، وأكدت أن السلطات سارعت إلى احتوائها. غير أنهن حذرن من أن هذه الممارسات تعكس وجود بيئة غير مؤهلة بعد لتقبّل المساواة التامة، داعيات إلى إصلاح عميق وشامل في السياسات المحلية يضمن احترام حقوق المرأة بشكل ممنهج.

ناشطات حقوقيات أكدن أن النساء السوريات لسن وافدات جديدات على الحياة العامة، بل كنّ وما زلن في طليعة الكفاح الاجتماعي والسياسي من أجل الحرية والكرامة. وأشارت إلى أن “المرأة ليست مجرد مكون هامشي، بل عنصر جوهري في إعادة بناء سوريا الحديثة”، مشددة على أهمية إشراك النساء النسويات الفاعلات، لا الاقتصار على أسماء تجميلية في واجهة المشهد السياسي.

ورغم التحديات، تبقى مساحات الأمل مفتوحة أن النساء اليوم يصنعن الفرق، ويكتبن التاريخ، ولن يقبلن بعد الآن أن يكنّ مجرد قارئات له. “نحن نؤمن أن المستقبل لن يُبنى دون المرأة، ونأمل أن ترتقي الإدارة الجديدة إلى مستوى تطلعات النساء السوريات”.

المشهد النسوي في سوريا اليوم يقف عند مفترق طرق. ما بين خطوات أولى نحو التغيير وتحديات حقيقية على الأرض، تبقى حقوق المرأة رهينة لمدى التزام الدولة فعليًا بتعهداتها، وقدرتها على إحداث تحول عميق في بنية التفكير والتمثيل داخل المؤسسات الرسمية.