في الثالث من أيار، الذي يصادف اليوم العالمي لحرية الصحافة، تجددت التساؤلات حول مستقبل الصحافة في سوريا، في ظل المتغيرات السياسية التي أعقبت سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في كانون الأول الماضي.
ورغم تعهدات سلطة دمشق بدعم حرية التعبير، لا تزال منظمات حقوقية سورية ودولية تحذر من استمرار الانتهاكات ضد الصحفيين. فقد أعلنت رابطة الصحفيين السوريين أن تسعة إعلاميين قُتلوا خلال عام 2024 على يد النظام السابق، فيما تواصل سوريا احتلال مراتب متأخرة في مؤشرات حرية الصحافة العالمية.
ووفقاً لمنظمة “مراسلون بلا حدود”، سجلت البلاد حالات متعددة من التضييق والإقصاء بحق الصحفيين، شملت اعتداءات جسدية ولفظية، وممارسات تهدف إلى فرض الرقابة الذاتية. وأكدت المنظمة، أن حرية الصحافة ستكون اختباراً حقيقياً لمدى صدق وشرعية السلطة السورية الجديدة.
وكانت وما زالتْ سوريا في كلّ عام تتذيل هذا التصنيف، وتحتل هذا العام المرتبة 174 من بين 180 دولة، وذلك بحسب التقرير الصادر عن ” مراسلون بلا حدود ” عام 2020.
ويشارك سوريا ذيل القائمة في المرتبة 174، بعض الدول، حيث سبقتها إيران مباشرة في المرتبة 173، ولحقتها جيبوتي والصين وأريتريا.
من جهتها، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكثر من 1350 حالة اعتقال أو اختفاء قسري بحق إعلاميين منذ اندلاع النزاع في 2011، ما يعكس استمرار المخاوف من استهداف الصحفيين رغم التغيير الذي حصل في السلطة.
اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي أقرّته الأمم المتحدة عام 1993 بناءً على إعلان ويندهوك، يُعد مناسبة للتذكير بأهمية الإعلام الحر في تعزيز الديمقراطية وكشف الانتهاكات، في وقت لا تزال فيه عشرات الدول تمارس الرقابة على المطبوعات وتلاحق الصحفيين.
وفي هذا السياق، تُبرز تركيا كواحدة من أبرز الدول التي شهدت تراجعاً في حرية الصحافة خلال السنوات الأخيرة، حيث أقدمت السلطات هناك على إغلاق مؤسسات إعلامية واعتقال صحفيين بتهم تتعلق بالإرهاب، بالإضافة إلى مراقبة صارمة وتهديدات أجبرت العديد منهم على مغادرة البلاد.
وتواصل تركيا أيضاً استهداف الصحفيين في شمال وشرق سوريا، حيث قضى عدد منهم أثناء تغطيتهم للأحداث، من بينهم عكيد روج، جيهان بلكين، ناظم داشتان، عصام عبد الله، سعد أحمد، ومحمد رشو.
وقد طالبت منظمات دولية، مثل “مراسلون بلا حدود” و”هيومن رايتس ووتش”، بضرورة وضع حد لهذه الانتهاكات، فيما عبرت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء القيود المفروضة على الإعلاميين، مؤكدة على ضرورة احترام حرية الصحافة وضمان سلامة الصحفيين.
وفي خضم هذه التحديات، يبقى اليوم العالمي لحرية الصحافة فرصة لتجديد الالتزام بالدفاع عن الصحفيين وضمان بيئة آمنة لممارسة العمل الإعلامي، باعتبار الصحافة الحرة ركيزة أساسية لأي مجتمع ديمقراطي.