لكل السوريين

توتر غير مسبوق بالسويداء وقلق من الاقتتال الداخلي

ساد التوتر الشديد محافظة السويداء بسبب صدام بين “قوة مكافحة الإرهاب”، الذراع العسكري لما يسمى حزب اللواء السوري، وبين “مجموعة عتيل” المسلحة التي تقوم بعمليات الاغتيال والتفجير والخطف والترويج للمخدرات في المحافظة.

وأسفرت الاشتباكات التي اندلعت بين الفصيلين بعد عمليات خطف متبادلة بينهما، عن مقتل شاب وإصابة آخرين.

وتسببت بتوتر غير مسبوق كاد أن يدخل المحافظة بحالة خطيرة من الاقتتال الداخلي.

ومنعاً من انزلاق المحافظة إلى مزيد من التوتر، بادرت حركة “رجال الكرامة” إلى الإمساك بزمام الأمور، وحاصرت فرع الأمن العسكري في المدينة، وقامت بحملة مداهمات اعتقلت خلالها أعضاء من “مجموعة عتيل” المتهمة بتبعيتها للأمن العسكري، ونشرت مقاتليها في المنطقة، وسيّرت دوريات متنقلة في مدينة السويداء، وحاصرت بلدة عتيل بطوق من المسلحين التابعين لها، وأعلنت مجموعة من الشروط لفك الطوق عن البلدة، في مقدمتها رفع الغطاء عن جميع المسلحين من أفراد العصابات داخل المحافظة، ومحاسبتهم قضائياً، وسحب بطاقاتهم الأمنية والأسلحة التي تم تزويدهم بها.

فك الطوق

بعد تدخل وساطات أهلية من وجهاء بلدة عتيل والمرجعيات الدينية بالمحافظة، أخلت الحركة الطوق الذي فرضته في محيط بلدة عتيل.

وحسب مصدر من الحركة، جاءت هذه الخطوة “تسهيلاً لحركة المدنيين صباحاً”، وأشار المصدر إلى أنه تم اعتقال العديد من أعضاء “جماعة عتيل”، من بينهم أحد المتهمين بارتكاب جرائم خطف وانتهاكات أخرى.

وكانت الحركة قد اعتقلت أعضاء من عصابات أخرى خلال قيامها بحملة مداهمات في السويداء  بالتزامن مع إعادة انتشار مقاتليها في محيط بلدة عتيل، وأمنت طريقاً بديلاً إلى دمشق يمر عبر بلدتي قنوات وسليم، بعد أن قطعته “جماعة عتيل” في البلدة.

وحسب شبكة إخبارية محلية، تعرضت مجموعات تابعة لحركة رجال الكرامة، لإطلاق نار أثناء تأمينها الطريق في بلدة قنوات، من قبل عناصر من “جماعة عتيل”، يقودها شخص مقرّب متزعم الجماعة.

كما نقلت عنها تمسكها بالشروط التي سبق أن أعلنتها، وتتضمن تسليم أفراد العصابات أنفسهم، ومحاسبتهم قضائياً، أو ترحيلهم إلى خارج المحافظة.

وساطات.. وبيان مؤجل

رغم الحديث عن قرب صدور بيان قريب يشرح موقفها، لا زالت حركة رجال الكرامة تلتزم الصمت حول تطورات الوضع، والبدائل عن المحتملة لتنفيذ شروطها، رغم استمرار حالة التوتر  بالسويداء.

وأربك موقف الحركة التي نجحت بوقف تدهور الأوضاع في المنطقة، أهالي المحافظة، خاصة أن الوساطات التي تعهدت بحل مشكلة البلدة لم تنفذ ما وعدت به.

وبعد الانسحاب من محيط البلدة، بات منزل متزعم “جماعة عتيل”، أشبه بمقر عسكري، تحيط به السواتر الترابية والمتاريس، ويتناوب على حراسته أعضاء العصابة على مدار الساعة.

وقال مصدر في الحركة إن “الانسحاب لا يعني التراجع”، إنما جاء للحفاظ على سلامة المدنيين الذين يتحصن متزعم الجماعة بينهم، ويتخذهم دروعاً بشرية.

وأكد المصدر أن الحركة “لم تكن تضع خيار اقتحام عتيل في حساباتها، كونه كان سيجر شلال دماء”، وتحدث عن خيارات بديلة للضغط على العصابات ومشغليهم.

وكانت الحركة قد لاقت تأييداً شعبياً واسعاً بعد تدخلها لأول مرة وفرضها للأطواق الأمنية.

لكن، انسحابها المثير للجدل، واطلاقها سراح بعض المحتجزين الخطيرين لديها، ورضوخها لضغوط الوساطات الأهلية  قبل أن يتم تنفيذ شروطها، أسفر عن تراجع التأييد الشعبي لها.

وكانت المرجعيات الدينية التي ساهمت بالوساطة لإخلاء الطوق عن بلدة عتيل، قد دعت إلى وحدة الصف، وحذرت من الاقتتال الداخلي، وتحدثت عن أجندات خارجية يجري العمل عليها في السويداء.

وطالبت بالتحلي بالمسؤولية، ورفض محاولات الاختراق مهما كان مصدرها، والتمسك بوحدة المجتمع وحفظ الأمن والأمان، والوقوف بوجه أي فكر يحاول تخريب البنى الداخلية للمجتمع، وتقطيع أواصر التماسك بين مكوناته.