لكل السوريين

رزان امرأة حمصية تعمل سائق تكسي

السوري/ حمص

تقود رزان محمود (40 عامًا) سيارتها ذهابًا وإيابًا في حمص، وتدور المرأة في شوارع المدينة، تبحث عن ركاباً لتأمين قوت أولادها الثلاثة.

تتحدى رزان العادات والتقاليد البالية بحسب وصفها، وتقول أن هذه المهنة ليست حكراً على الرجال فقط، وتتابع طريقها بعد أن تكون قد تخلصت من إحدى المضايقات الكثيرة التي تواجهها بشكل يومي.

فقدت رزان زوجها في أثناء الحرب الدائرة في البلاد، ولأنها بحثت عن عمل كثير ولم تجد فضلت المرأة العمل بنفسها على سيارة زوجها، فتعلمت قيادتها لتستعين بها على التنقل دون عوائق ومشكلات، وفق ما أضافته.

رغم عدم وجود قانون أو تعميم يمنع النساء من قيادة السيارة في سوريا، لا تزال القيادة حكرًا على الرجال من وجهة نظر المجتمع، غير أن نساء سعين لكسر تلك القاعدة، مدفوعات بالحاجة المُلحة للوصول إلى مكان عملهن وقضاء حوائجهن بأنفسهن، في ظل غياب الزوج أو انشغاله.

وبحسب ناشطة نسوية قالت قيادة المرأة للسيارة هي بداية قيادتها الصحيحة لحياتها وأفكارها وطموحاتها، ومواجهة ضغوطات الحياة بعزيمة وإصرار، وهو لم يعد أمرًا ترفيهيًا بقدر ما هو حاجة مُلحة.

تحتاج المحمود، بحكم وظيفتها، إلى الوصول لمكان عملها في الوقت المناسب دون تأخير أو مضايقات في أثناء استقلالها إحدى السيارات الخاصة أو انتظار انطلاق السيارات العامة، بحسب ما قالته.

وأضافت أن خدمة السيارات العامة سيئة، ولا تلتزم بالانطلاق بالرحلات في الوقت المحدد، وإنما تنتظر امتلاء السيارات بالركاب، وهو ما كان يؤخرها عن عملها في كثير من الأحيان، ويشعرها بالصعوبات الحقيقية، ما دفعها في نهاية المطاف للاعتماد على نفسها في قيادة سيارتها الخاصة، وإحداث نقلة نوعية في حياتها لتصبح أكثر تنظيمًا، وفق تعبيرها.

واجهت المحمود كثيرًا من المضايقات، وتعرضها للأسئلة المتعلقة بوجودها داخل السيارة بمفردها وعملها بها كسائق أجرة، وكانت في كل مرة تقنعهم بأنها بحاجة للذهاب إلى عملها، ولا يمكن لأي شخص أن يدع عمله ويرافقها بشكل يومي، فلكل واحد منهم أعماله التي يلتزم بها، سواء كان أباها أو أخاها أو أي شخص مقرب منها، لتمضي في طريقها بعد أن تشعر بالسرور لنجاحها بالتخلص منهم، وفق قولها.

وأكثر ما كانت تعتبره تحديًا لها، هو تلك النظرة المجتمعية المليئة بالاستغراب حين يرونني أقود السيارة، وهو ما يعكس الثقافة المجتمعية والنظرة الدونية للمرأة وتنميطها بشكل لا يمكن معه تخيل خروجها من تلك القوقعة التي أدخلها مجتمعها بها.

وتحدثت المحمود عن وجود متحرشين ومعتدين، سرعان ما يكسرون سيارتهم عليّ مجرد أن يعرفوا أن من يقود السيارة امرأة، وإن كان الأمر ليس قاعدة تعميمية، وإنما هو ما واجهته بصورة شخصية.

وحتى في أثناء تعرض السيارة لأعطال بسيطة خلال القيادة، تكون قادرة على حلها، يقفون بجانبها وينهرونها، ماذا تفعلين؟ اصعدي سيارتك ونحن نصلحها لك.

وبحسب ندى وهي صديقة رزان “إن التنمر والاستهزاء ونظرات الاستغراب أكثر ما تواجهه النساء في أثناء قيادة السيارة، وأكثر الأسئلة التي يتعرضن لها هي: ما الذي يدفعك للقيادة؟ ولمَ أنت من تقودين السيارة؟ والقيادة ليست من اختصاص النساء.

وأضافت أن “هذه الأسئلة تعكس مدى الاستهتار بقدرات النساء، وسيطرة العادات والتقاليد التي ما زالت تعصف بأفكار الأغلبية العظمى من الناس حتى المثقفين منهم، وأنهنّ المُلامات في أي حادث سير يكنّ طرفًا فيه، وإن كنّ لسن المسؤولات عن الحادث بشكل أو بآخر.

وتعتبر المساء في سوريا من أكثر الفئات التي تأثرت في الحرب السورية وبمخلف المناطق، حيث أُعيدت العادات والتقاليد البالية بعد أن شهدت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة قبل الحرب السورية.