الأوساط النسوية في حلب تعترض: أين النساء من صنع القرار المحلي؟

رغم ما عانته نساء حلب خلال سنوات الحرب من نزوح وفقدان وصعوبات حياتية، بقي حضورهن الاجتماعي والمهني فاعلًا في مختلف المجالات. إلا أن التمثيل السياسي الحقيقي لهن ما يزال غائباً عن المشهد، وهو ما يثير استياء كثير من النساء اللواتي يشعرن أن صوتهن مهمّش في مراكز اتخاذ القرار، خاصة في المجالس المحلية.
وفي جولة على عدد من الأحياء والمؤسسات، استطلع “السوري” آراء نساء من خلفيات متنوعة، وناقشنا معهن واقع المشاركة السياسية وسبل تمكين المرأة الحلبية.
تقول رغدة الأحمد، مدرّسة وناشطة من حي الفرقان:
“نتحمل أعباء الحياة ونواجه الأزمات، لكننا مغيّبات عن مواقع القرار. لا توجد نساء في رئاسة المجالس المحلية، وعدد العضوات لا يتناسب مع حجم المشاركة المجتمعية للنساء. هناك من يعتبر وجود المرأة شكلياً فقط، وهذا غير مقبول.”
وتضيف: “هناك نساء كفؤات ومؤهلات، لكن الثقافة الذكورية ما زالت حاكمة للمشهد السياسي، وتمنع تمثيلًا عادلاً للمرأة.”
أما هبة كيالي، طالبة حقوق تعمل في فريق تطوعي، فتقول:
“نملك الوعي والطاقة، لكننا نفتقد للفرص. لا أحد يشجع النساء على الترشح أو يدعمهن فعليًا. نحتاج لبرامج تأهيل وتمويل، ومناخ يضمن احترام مشاركتنا دون تهميش أو تهكم.”
من جانبها، توضح أميمة عيسى، موظفة في قطاع الخدمات، تجربتها السابقة في لجنة تابعة لمجلس محلي:
“كنا نستشار فقط في قضايا ثانوية، أما القرارات المهمة فتُتخذ من دوننا. شعرت أن وجودي مجرد رقم لا أكثر. لذلك أطالب بتطبيق سياسية حقيقية، تتيح مشاركة فعلية لا شكلية.”
الجمعيات النسوية التمثيل ضرورة وليس خياراً: وفي محاولة لفهم أعمق للجهود المجتمعية، تحدثنا إلى رنا يونس، عضو في أحد الجمعيات النسوية الناشئة في حلب حديثاً قالت: “نحن بدأنا العمل على رفع وعي النساء بحقوقهن السياسية، وننظم ورشات عن القيادة والمشاركة العامة، لكن المشكلة ليست فقط عند النساء، بل في بنية المجتمع السياسي نفسه.”
وأضافت: “هناك تردد لدى بعض المؤسسات في دعم ترشح النساء، وأحياناً تهميش متعمّد لدور الجمعيات النسائية. ما نحتاجه اليوم هو قرار سياسي جاد لإشراك المرأة، مع تخصيص دعم حقيقي لتمكينها من الوصول، لا فقط للمشاركة.”
ورغم كل التحديات، تصرّ النساء في حلب على أن تمثيلهن في المشهد السياسي لم يعد ترفاً، بل حقاً لا غنى عنه.
فهل تستجيب المؤسسات لهذا الصوت النسائي المتصاعد؟ أم تبقى مشاركة المرأة رهينة الخطابات والحضور الشكلي دون التطبيق على أرض الواقع.