لكل السوريين

العدالة والسلام… بين المحاسبة والمصالحة الحقيقية في سوريا الممزقة

هيئة التحرير

في ظل الواقع المعقد الذي تمر به سوريا، تتعالى أصوات الاستياء والاستنكار والغضب، من عمق الشارع السوري، ويتزايد شعور معظم السوريون بالغبن والإحباط، حيث يواجهون اليوم محاولات كثيرة ومتنوعة تهدف إلى تجميل صور من تورطوا في الانتهاكات والمجازر التي تركت خلفها آلاف الضحايا والجرحى، ودمّرت حياة الأفراد والمجتمعات.

إنّ بناء سلم أهلي حقيقي ومستدام في سوريا، لا يمكن أن يبدأ إلّا من بوابة العدالة، العدالة التي تأخرت كثيراً، العدالة التي يجب أن تشمل الجميع بلا استثناء.

فلا يمكن التساهل أو تبييض صفحات القتلة الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحق المدنيين في جنوب دمشق، والمناطق الأخرى، أو الذين تورطوا في عمليات القتل والتهجير في الشمال السوري.

ولا يمكن تجاهل الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة، التي مارست القتل والتهجير والتعذيب في مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض، وغيرها من مناطق شمال سوريا.

العدالة الانتقالية التي لا تبدأ بالمحاسبة، ليست سوى واجهة زائفة تهدف إلى تلميع صور الجناة وإعادة تدويرهم “كشركاء في المصالحة”، وهو أمر يعتبر إهانة مباشرة لدماء الضحايا، وألم عائلاتهم التي انتظرت سنوات طويلة قبل أن ترى أي عدل أو إنصاف.

إن أي مشروع حقيقي للمصالحة وللسلم الأهلي، يجب أن يبدأ ويرتكز على المحاسبة الشاملة والمتساوية لكل الأطراف التي تورطت في الاعتداء على المدنيين، سواء كانوا من النظام أو من الفصائل المسلحة أو من القوى الإقليمية التي لعبت أدواراً في زعزعة الأمن والاستقرار.

السلام الذي يُبنى على جثث الضحايا ودمائهم، وعلى إهمال حقوق المظلومين، لن يكون سوى مسرحية مؤقتة تخفي وراءها بذور صراعات قاسية وقادمة.