لكل السوريين

تباين أسعار الأدوية يزيد معاناة الشارع الحلبي

حلب/ خالد الحسين

يبدو المواطن سمير البكري، أحد سكان حي الجميلية وسط مدينة حلب، متفاجئاً أثناء شرائه الأدوية بأسعار متفاوتة من صيدلية إلى أخرى، متسائلاً عن أسباب الفروقات الكبيرة في أسعار أصناف دوائية متماثلة.

ويشير البكري إلى أنه اشترى نفس الأدوية بأسعار مختلفة من عدة صيدليات، بفارق قد يصل إلى خمسة آلاف ليرة سورية للصنف ذاته بين صيدلية وأخرى. وقد لاحظ أن الأسعار تميل إلى الارتفاع في أحياء الفرقان والمحافظة والجميلية، مقارنة بأحياء صلاح الدين والفردوس، وهو ما جعله يشعر بعدم الارتياح، رغم حصوله أحياناً على الدواء بسعر أرخص، لكنه في الوقت نفسه قلق بسبب غياب التفسير الواضح لذلك، وضعف الرقابة الرسمية.

من جهته، أوضح الصيدلاني معاذ ياسين، وهو من سكان حي الفرقان، أن وجود فروق بسيطة في أسعار الأدوية يقع ضمن نطاق المعقول، نظراً لهامش ربح الصيدلي الضيق، معتبراً أن هذه الفروقات تكون مقبولة إذا كانت بفارق بسيط، لكن عندما تكون الفروقات كبيرة فهذا يثير الشك ويستوجب المتابعة، لأن هامش الربح في الأدوية منخفض في حال تم شراؤها بالطرق النظامية من المستودعات المعتمدة.

كما أكدت إحدى الموظفات العاملات في القطاع الصحي لمراسلنا أن هناك انتشاراً واضحاً للأدوية المهربة في الأسواق، حيث تدخل عمليات التهريب والتلاعب في الأصناف الدوائية بصورة مقلقة، مشيرة إلى أن الأمر يتجاوز كونه مجرد فرق في الأسعار، لأننا نتحدث عن دواء يؤثر على صحة الإنسان، وليس عن سلعة استهلاكية يمكن التهاون بجودتها.

مصادر مطلعة أشارت لمراسلنا إلى وجود سوق رائجة لتهريب الأدوية، مبينة أن هناك بعض الصيادلة يلتزمون بأخلاقيات المهنة ويرفضون التعامل مع هذه الأدوية، فيما يسعى آخرون لتحقيق أرباح سريعة من خلال شراء الأدوية المهربة والتعامل مع المهربين، الأمر الذي يزيد من خطر انتشار أصناف غير معروفة المصدر أو غير خاضعة للرقابة.

ويلفت عدد من الصيادلة إلى أن عمليات التهريب ليست سلبية في كل الأحيان، حيث تساعد أحياناً على توفير أصناف دوائية غير متوفرة في السوق، خصوصاً تلك المطلوبة من قبل بعض المرضى، وغالباً ما تأتي هذه الأدوية من تركيا، لكنهم يقرّون بخطورة هذه الظاهرة، نظراً لأن هذه الأدوية غير مضمونة المصدر ولا طريقة تخزينها أو نقلها، مما يجعلها عرضة لفقدان الفعالية أو حتى التسبب بأضرار صحية.

وتوضح المصادر أن بعض التجار يقومون باستيراد الأدوية من تركيا بأسعار منخفضة، مما يمنحهم هامش ربح أوسع، ويساعدهم على تقديم أسعار أقل للمستهلك، الأمر الذي يخلق نوعاً من الفوضى في السوق، ويضر بالصيادلة الملتزمين بالأسعار الرسمية.

من جهته، اعتبر الدكتور جورج حداد، أحد الأخصائيين في مخبر ابن حيان للأدوية، أن الوضع خطير للغاية، مشيراً إلى أن الدواء يجب أن يُخزن في ظروف خاصة لضمان فعاليته، كما يجب أن يكون مصدره رسمياً وموثوقاً، لأن الكثير من الأدوية المهربة لا تتمتع بالفعالية المطلوبة، وبعضها قد يكون ضاراً بالصحة، نظراً لدخولها بطرق غير قانونية.

بدوره، أكد أحد مسؤولي وزارة الصحة، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الوزارة تتابع موضوع التلاعب بالأسعار بالتعاون مع الجهات المختصة، مشيراً إلى أن القانون يتيح للصيدلي تقديم خصم محدود للمريض في بعض الحالات، لكن في حال كان الفارق كبيراً، فإن ذلك يعتبر تلاعباً يستدعي المتابعة والمحاسبة.

وأضاف المسؤول أن من حق الصيدلي تقديم خصومات معينة لفئات خاصة، مثل الزملاء الصيادلة أو بعض الفئات الاجتماعية المحتاجة، لكنه شدد على أن التلاعب الكبير بالأسعار مرفوض تماماً.

كما أشار إلى أنه تم ضبط عدة حالات لصيدليات قامت بشراء الأدوية بطرق غير قانونية من أجل تحقيق أرباح أكبر، مؤكداً أن الوزارة تتخذ إجراءات قانونية بحق المخالفين تبدأ بالتنبيه والغرامات، وقد تصل إلى سحب رخصة مزاولة المهنة وإغلاق الصيدلية.

وختم المسؤول حديثه بالتأكيد على أن الوزارة، بالتنسيق مع مكتب الرقابة الدوائية، كثفت جولاتها الميدانية على الصيدليات، بهدف فحص مصادر الأدوية ومطابقة الأسعار، وذلك في إطار الحد من الفوضى في التسعير وضمان سلامة المواطن وصحته.