طرطوس/ اـ ن
أعلنت وزارة السياحة السورية عن توقيع عقد استثماري جديد مع شركة All Season السياحية لتطوير واستثمار منتجع جونادا السياحي الواقع في محافظة طرطوس، ويقع المنتجع في موقع استراتيجي على الساحل السوري، ويحتوي على 250 غرفة وشقة فندقية مجهزة بأحدث التجهيزات، إلى جانب مجموعة متكاملة من المرافق والخدمات التي تشمل مسابح مغلقة ومفتوحة، مسابح خاصة بالأطفال، مراكز مساج وعلاج طبيعي، نوادي للياقة البدنية، مراكز صحية، برامج ترفيهية متنوعة، مراكز سباق، ملاعب ورياضات مائية، ليشكل بذلك مشروعاً سياحياً متكاملاً يهدف إلى جذب شرائح واسعة من السياح المحليين والعرب والأجانب على حد سواء.
وتتطلع إدارة المنتجع إلى استقبال نحو 6 آلاف زائر خلال الموسم السياحي الحالي، مع تركيز كبير على تحسين جودة الخدمات وتوفير بيئة سياحية مريحة وآمنة تناسب العائلات، وهو ما يعكس التوجه الواضح نحو تنشيط السياحة الداخلية وتعزيز الاقتصاد المحلي في محافظة طرطوس.
وفي تصريح خاص لنا، أكدت مسؤولة في إدارة منتجع جونادا، أن تنشيط وإقلاع هذا المنتجع يعد خطوة هامة في دعم قطاع السياحة، الذي يعد من القطاعات الحيوية في سوريا لما له من قدرة على خلق فرص عمل وتنشيط القطاعات المرتبطة به مثل النقل والضيافة والخدمات. وأضافت منى أن هذا الاستثمار يأتي في ظل تحديات اقتصادية كبيرة تواجه سوريا الجديدة، لكنه يستند إلى إمكانات كبيرة للمنتجع، خاصة بفضل موقعه الجغرافي المتميز على الساحل السوري المطل على البحر الأبيض المتوسط وقربه من الطريق الدولي طرطوس-اللاذقية، مما يسهل الوصول إليه ويزيد من فرص استقطاب السائحين.
وأشارت إلى أن وجود المرافق المتكاملة مثل المسابح والمراكز الصحية والترفيهية يعزز من جاذبية المنتجع كوجهة سياحية متكاملة تناسب العائلات والأفراد على حد سواء. وأوضحت أن منتجع جونادا يشكل ركيزة أساسية في المخطط السياحي الشامل لمحافظة طرطوس، لما يتمتع به من موقع طبيعي مميز وإطلالة بحرية جذابة، فضلاً عن البنية التحتية التي تسمح بتقديم تجربة فندقية متكاملة تواكب المعايير الدولية.
من جهته، أوضح المهندس البحري وعضو غرفة السياحة في طرطوس، أن التعاقد مع شركة All Season، المعروفة بخبرتها الطويلة في قطاع الفندقة والسياحة، من شأنه أن يعيد إحياء النشاط السياحي في المنطقة ويدعم فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. وأكد أن المشروع سيوفر مئات الوظائف للسكان المحليين في مجالات مختلفة تشمل الخدمات والإدارة والتشغيل، مضيفًا أنه متفائل بأن إدارة شركة ذات خبرة واسعة ستسهم في رفع جودة الخدمات المقدمة للسياح وتعزيز التنافسية بين المنشآت السياحية السورية.
وأشار إلى أن منتجع جونادا أصبح نقطة جذب نوعية ليس فقط لزوار طرطوس، بل للمستثمرين الذين يرون في السياحة الساحلية مستقبلًا واعدًا، لافتًا إلى أن الشركة الجديدة قادرة على استقطاب شرائح واسعة من السياح العرب والأجانب بفضل سمعتها المهنية وقدرتها على تأمين بيئة عمل وخدمة آمنة ومحترفة، تليق بصورة السياحة السورية. كما أشار إلى أن العمل على تطوير المنتجع بدأ فعليًا، مع آمال كبيرة في إنهاء الترتيبات الأساسية وتجهيزه للافتتاح الرسمي المتوقع في أوائل تموز الحالي، بالتزامن مع ذروة الموسم الصيفي.
وأكد أن المشروع يسير وفق خطة مدروسة تركز على الدمج بين الهوية السورية الأصيلة للمنتجع والطابع العصري للخدمة الفندقية، مع إيلاء اهتمام خاص للمعايير البيئية والأمنية وتجربة الزائر من لحظة دخوله المنتجع حتى مغادرته، ما يعكس حرص القائمين على المشروع لتقديم مستوى خدمة متقدم يعكس تطلعات الزوار ويعزز سمعة السياحة السورية.
إلا أن هناك بعض الأصوات التي أبدت تحفظات حول المشروع، حيث أعربت غانية، وهي محامية في طرطوس، عن تحفظها قائلة: “رغم الأجواء الإيجابية المحيطة بالمشروع، تثار بعض التساؤلات حول الدور الاستثماري لصاحب الصفقة وإشكالية منصبه في ملف الاستثمار السياحي، وهو ما يشير إلى تضارب محتمل في المصالح.” وأضافت أن ذلك يثير علامات استفهام حول مدى الشفافية في إجراءات منح العقود الاستثمارية ومدى مراعاة قواعد النزاهة وتكافؤ الفرص في التعاقدات الكبرى، مشيرة إلى أنه حتى الآن لم يصدر أي تعليق رسمي من الوزارة بشأن هذه المخاوف.
ويُذكر أن منتجع جونادا تعرض لعدة محاولات استثمارية سابقة لم تكلل بالنجاح الكامل، بعضها توقف لأسباب إدارية وأخرى بسبب مشاكل مالية أو قانونية مرتبطة بجهات كانت ترتبط بالنظام السابق، مما أدى إلى مصادرة بعض العقارات أو إعادة تنظيم حقوق الاستثمار عليها. ويبدو أن العقود الجديدة تأتي في سياق تصفية تلك المرحلة، وإعادة هيكلة القطاع السياحي على أسس أكثر انفتاحاً وتوازناً.
وضع هذا الاستثمار الحكومة السورية الانتقالية أمام اختبار حقيقي بشأن قدرتها على استعادة ثقة المستثمرين من جهة، وإدارة مشاريع معقدة تمزج بين الربح الاقتصادي والدور التنموي من جهة أخرى، في بيئة ما زالت تعاني من آثار الحرب والدمار، وتسعى إلى إعادة رسم مستقبلها الاقتصادي على أسس جديدة تدعم التنمية المستدامة وتنشيط الاقتصاد الوطني عبر تنمية قطاع السياحة الحيوي.