لكل السوريين

مسرحية الاستفتاءات والتعبئة الجزئية.. تصعيد روسي غير مسبوق

بعد إعلان مقاطعات أوكرانية إجراء استفتاءات للانضمام إلى روسيا، أعلن الرئيس الروسي التعبئة الجزئية لجيشه.

وأشار بوتين في خطاب له إلى أن بلاده تتعرض لتهديدات بالسلاح النووي، ولوّح بما تمتلكه من أسلحة دمار شامل مضادة للأسلحة الغربية.

وأكد أنه اتخذ قراراً بتوجيه ضربة استباقية بهدف تحرير الأراضي في إقليم دونباس، وطلب من حكومته إعطاء وضع قانوني للمتطوعين الذين يقاتلون فيها، وأكد تأييده لقرارات استقلال مناطق دونباس وزاباروجيا وخيرسون.

وكانت السلطات الموالية لروسيا في مقاطعة خيرسون الأوكرانية قد أعلنت البدء باستفتاء على انضمامها إلى روسيا، وصوّت برلمان دونيتسك ولوغانسك على إجراء استفتاء مماثل.

فيما أكدت الولايات المتحدة أنها لن تعترف بنتائج هذه “الاستفتاءات الزائفة”، وحذر مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية من “عواقب إضافية” إذا ضمت روسيا أجزاء من أوكرانيا.

وبدوره قلّل الرئيس الأوكراني من أهمية الاستفتاءات التي يعتزم انفصاليون موالون لموسكو تنظيمها في مناطق أوكرانية تحتلها القوات الروسية لضمّها إلى روسيا، وثمّن إدانة الغرب لها.

تصعيد غير مسبوق

يرى مراقبون أن هدف بوتين من استدعاء مئات آلاف الروس للقتال في أوكرانيا، واتهام الدول الغربية بمحاولة تدمير روسيا، وتحذير الغرب من أن موسكو ستستخدم “كل الوسائل المتاحة” للدفاع عن نفسها بما في ذلك السلاح النووي، مجرد محاولة لتغيير مسار حربه المتعثرة في أوكرانيا، من حرب ضد دولة جارة، إلى حرب “دفاع عن وطن مهدد”.

ومع أن خطاب بوتين يمثل اعترفاً بتزايد المقاومة الأوكرانية ضد قواته، إلّا أنه يشكل تصعيداً مع الغرب، حيث اتهم الدول الغربية بالسعي إلى تدمير بلاده وإخضاعها إلى “ابتزاز نووي”.

وقال “أود تذكير الذين يقومون بتصريحات كهذه بأن بلادنا تملك أيضاً وسائل دمار مختلفة بينها وسائل أكثر تطوراً من تلك التي تملكها دول حلف شمال الأطلسي”.

وفي حال جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح الانضمام إلى روسيا كما هو متوقع، سيعتبر الكرملين أن الهجمات الأوكرانية المضادة لاستعادتها، هجمات على الأراضي الروسية، بما يبرر استخدام السلاح النووي للدفاع عنها.

مسرحية هزلية

قال مستشار الأمن القومي الأميركي إن روسيا تسارع لإجراءات استفتاءات في أوكرانيا رداً على مكاسب حققتها كييف في ساحة المعركة، واعتبر الاستفتاءات “إهانة لمبادئ السيادة ووحدة الأراضي التي يقوم عليها النظام الدولي”.

بدوره وصف الرئيس الفرنسي الاستفتاءات في مقاطعات أوكرانية بالمسرحية الهزلية، مشيراً إلى أن هذه الخطوة “استفزاز إضافي” بعد شن روسيا الحرب على أوكرانيا.

واتهم المستشار الألماني موسكو بتنظيم استفتاءات صورية في مقاطعات شرقي وجنوبي أوكرانيا، واعتبر أن هذه الاستفتاءات “انتهاك للقانون الدولي”.

واعتبر أن الرئيس الروسي لن يتخلى عن حربه إلّا إذا أدرك أنه لا يستطيع الانتصار فيها.

وكان كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي قد أبدوا رفضهم لأي استفتاءات يجريها الانفصاليون الموالون لروسيا في الأراضي الأوكرانية.

ووصف الأمين العام لحلف الناتو الاستفتاءات من قبل السلطات المدعومة من روسيا بالتصعيد الإضافي في الحرب الروسية، وقال إنها “استفتاءات زائفة ليس لها شرعية، ولا تغير في طبيعة الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا”.

تحذير روسي

وفي المقابل، قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إن الاستفتاء لانضمام إقليم دونباس إلى روسيا يكتسب أهمية بالغة لحماية الإقليم واستعادة العدالة التاريخية.

واعتبر أن الاستفتاء سيغير وجهة تطور روسيا لعقود وسيصبح التحول الجيوسياسي في العالم أمراً لا رجعة فيه، وأشار إلى أن الغرب وأوكرانيا “يخافان من إجراء الاستفتاء في دونباس”.

وعلى صعيد آخر، حذر ألكسندر غريشكو نائب وزير الخارجية الروسي خلال لقائه بالسفير الفرنسي لدى موسكو، باريس من إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، معتبرا أن ذلك “غير مقبول”.

وقالت الخارجية الروسية في بيان إن “تركيز الانتباه كان على عدم مقبولية إرسال مزيد من الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، بما في ذلك الأسلحة الفرنسية، وهي أسلحة يستخدمها نظام كييف لقصف منشآت مدنية وبنى تحتية”.

يذكر أن بعض الروس عبروا عن رفضهم لدعوة التعبئة الجزئية بالنزول إلى الشوارع، بينما حزم آخرون حقائبهم لمغادرة البلاد.

وأظهرت مواقع وكالات السفر في روسيا زيادة كبيرة في الطلب على الرحلات الجوية إلى وجهات لا يطلب فيها من الروس الحصول على تأشيرة.

وقد يواجه الذين يغادرون بلادهم تهمة جنائية بالفرار من الخدمة إذا تم تجنيدهم ولم يعودوا، حيث يجرم قانون روسي جديد الهروب من الخدمة العسكرية، ويعاقب عليه بأحكام قد تصل إلى عشرة أعوام.