لكل السوريين

الجولان في ميزان التطبيع.. هل تعيد سوريا ترتيب أوراقها مع إسرائيل؟

في ظل تصاعد التوتر الإقليمي نتيجة المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، أعادت تقارير عن محادثات غير معلنة بين دمشق وتل أبيب فتح ملف ظل مُجمّدًا لعقود مسار السلام السوري–الإسرائيلي. من هامش التجاهل إلى مركز النقاش السياسي، مدفوعًا بتقارير عن محادثات غير معلنة تديرها واشنطن خلف الكواليس.

الحديث يدور عن خارطة طريق تبدأ بضمانات أمنية وتنتهي، نظريًا، بتطبيعٍ مشروط، غير أن الجولان، تحت النفوذ الإسرائيلي منذ 1967، يظل حجر العثرة الأساسي، إن لم يكن “الفيتو السيادي” الذي قد يُفشل المشروع من جذوره.

رغم الانفتاح الكلامي من قادة إسرائيليين على توسيع تحالف إبراهام ليشمل دمشق أو بيروت، إلا أن ملف الجولان يظل خارج أي تفاوض، بحسب ما أكده وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، في تعبير عن موقف توافقي داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية، أن ضم الجولان رسميًا عام 1981، وتثبيت هذا الضم باعتراف أميركي في عهد إدارة ترامب، رفع من سقف المواقف الإسرائيلية، لتتحول “أرض مقابل سلام” إلى “سلام مقابل سلام” دون أي انسحاب.

بين الواقعية السياسية والرمزية السيادية.. الجولان في قلب المعادلة

يرى د. فراس النائب، رئيس مركز “استراتيجيا”، في حديثه لسكاي نيوز عربية، أن التغيرات الإقليمية والنضج السياسي لدى الطرفين قد يفتحان نافذة “لصفقة كبرى”، شرط وجود تنازلات متبادلة، لكنه يؤكد أن الجولان، كقضية مركزية، سيظل بمثابة اختبار حقيقي لجدية أي مفاوضات، فبدون استعادة الحقوق السورية، سيبقى أي اتفاق هشًا وغير قابل للحياة سياسيًا أو شعبيًا.

من جانبه، يرى الدكتور أمير خنيفس، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن البُعد الأمني يشكّل المحدد الرئيسي في تعامل إسرائيل مع الملف السوري، بصرف النظر عن طبيعة النظام القائم في دمشق. ويؤكد أن هناك إجماعًا شبه مطلقًا داخل المشهد السياسي الإسرائيلي، من اليمين إلى اليسار، على رفض أي انسحاب من مناطق تُصنّف كأصول استراتيجية، وفي مقدمتها الجولان. هذا الموقف، كما يشير، يحظى بغطاء دولي – لا سيما أميركي – يعزز من شرعية السيطرة الإسرائيلية، بعد الاعتراف الأميركي الرسمي بضم الجولان، ما أضاف ثقلًا دبلوماسيًا للموقف الرافض للتنازل.

المحلل السياسي بسام بربندي يقدم مقاربة تراكمية أكثر واقعية: لا اتفاق سلام شامل في الأفق، بل مسار تدريجي يبدأ بوقف الأعمال العدائية، بضمانات أميركية وخليجية، وقد يمر عبر إجراءات “بناء ثقة” مثل احترام الخط الفاصل أو الانسحاب من نقاط متنازع عليها في القنيطرة. سوريا، من جهتها، بحاجة أولًا لترميم الداخل قبل الانتقال إلى التسويات الكبرى.

رغم المقارنات مع النموذجين المصري والأردني، يعتقد بربندي أن الحالة السورية فريدة: نظام سياسي يفتقر للشرعية الدولية الكاملة، منظومة أمنية مرهقة، وبيئة إقليمية لا تزال حذرة من مستقبل دمشق. ومع ذلك، فإن إرث محادثات سابقة يظهر أن أطرافًا إسرائيلية – بمن فيهم رؤساء حكومات – أبدوا استعدادًا مبدئيًا لإعادة الجولان ضمن ترتيبات أمنية صارمة، ما يجعل السيناريو التفاوضي ممكنًا من حيث المبدأ، إذا توفرت الإرادة السياسية.

نافذة خلفية للسلام… أم ورقة مؤجلة في لعبة النفوذ؟

رغم صلابة الموقف الإسرائيلي بشأن الجولان، وتردد دمشق في الانخراط علنًا بمسار تطبيع، يبدو أن اللحظة الإقليمية تفتح “نافذة خلفية” لمسار غير معلن، يبدأ بتفاهمات ميدانية ويُنضج تدريجيًا على نار أميركية – خليجية هادئة. السلام، كما يبدو، لن يكون صفقة سريعة، بل عملية تراكميّة تتطلب سنوات من الترتيب الدبلوماسي وكسر الحواجز النفسية والسياسية، ليبقى السؤال مفتوحًا. هل تصمد نافذة التفاوض أمام جدار الجولان؟

المصدر/ سكاي نيوز

- Advertisement -

- Advertisement -