لكل السوريين

مهندس العلاقات الأميركية الصينية في بكين.. هل يؤسس لدبلوماسية القنوات الخلفية

حمل وزير الخارجية الأميركية الأسبق هنري كيسنجر أعوامه المئة، وقام بزيارة غير معلنة إلى العاصمة الصينية أجرى خلالها محادثات مع عدد من المسؤولين فيها، واستهلها بلقاء وزير الدفاع الصيني الذي رفض خلال الشهر الماضي لقاء نظيره الأميركي في قمة سنغافورة، وقال “إن الصين تريد علاقة صحّية ومستقرة مع الولايات المتحدة، لكن العلاقات تضررت بسبب تعنت الجانب الأميركي”، ووصف العلاقات بين البلدين بأنها “تقف عند أدنى نقطة لها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1979″، وألقى باللوم على سياسة واشنطن في تدهور هذه العلاقات.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا” عن كيسنجر قوله للوزير الصيني “في عالم اليوم تتعايش التحديات والفرص، ويجب على كل من الولايات المتحدة والصين تبديد سوء التفاهم بينهما، والتعايش سلمياً وتجنب المواجهة”.

والتقى كيسنجر كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي، الذي حثّ الولايات المتحدة على عدم محاولة تطويق الصين، وقال “إن واشنطن بحاجة إلى حكمة دبلوماسية على غرار حكمة كيسنجر”، ووجّه لها تحذيراً صارماً بشأن تايوان، وحثّها على معارضة استقلال الجزيرة علناً.

كما التقى الدبلوماسي الأميركي العتيق الرئيس الصيني الذي وصفه بـ”الصديق القديم” وقال له “لن ننسى مساهمتك التاريخية في تشجيع تطور العلاقات بين الصين والولايات المتحدة “. وحسب وسائل الإعلام الرسمية الصينية، أضاف بينغ “هذا الأمر لم يفد البلدين فقط، إنما غيّر العالم أيضا”.

حفاوة كبيرة وأهداف غير معلنة

بسجادة حمراء، واستقبال فاقت حفاوته الترحيب بالرؤساء، استقبلت الصين هنري كيسنجر،

وأشارت التقارير إلى أن الحفاوة التي استقبل بها تظهر أن “بكين أصبحت أكثر انسجاماً مع مواقفها وأكثر تشككاً تجاه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن”.

وحسب وسائل الإعلام الصينية، قال الرئيس الصيني “يشهد العالم حالياً تغيرات لم نشهدها منذ قرن، والنظام الدولي يمر بتغير هائل”.

ونوه إلى إن “الصين والولايات المتحدة على مفترق طرق مرة أخرى ويجب على الطرفين من جديدة القيام بخيار”، فيما اعتبره مراقبون إشارة إلى هدف زيارة كيسنجر الذي قال خلالها “إن محاولة احتواء بكين غير مقبولة، ويجب على كلا الجانبين معاملة بعضهما البعض على قدم المساواة، والحفاظ على الاتصال لحل سوء التفاهم والتعايش السلمي وتجنب المواجهة”.

وأشار الدبلوماسي المخضرم إلى أنه “لا يمكن للولايات المتحدة ولا للصين التعامل مع الآخر كخصم”، مما يشير إلى أن هدف زيارته تفعيل قنوات دبلوماسية غير معلنة لاستمرار الحوار بين البلدين.

ويؤكد هذا التوجه قول المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي “إن مسؤولي الإدارة يتطلعون إلى الإنصات إلى الوزير كيسنجر حين عودته، لسماع ما سمعه، وما علمه، وما رآه”.

دبلوماسية القنوات الخلفية

تضاربت مواقف المحللين السياسيين حول زيارة كيسنجر إلى بكين، حيث يرى بعضهم أن وزير الخارجية الأميركية الأسبق يقود مهمة لإعادة إحياء دبلوماسية القنوات الخلفية في ظل انسداد العلاقات بين الجانبين، على غرار زيارته السرية إلى الصين عام 1971 التي ساهمت في ما بعد في تطبيع العلاقات بينهما، وزيارته الأخرى عام 1989، التي لعبت دوراً رئيسياً في استقرار العلاقات بين البلدين التي كانت في أسوأ حالاتها آنذاك.

ويعتقدون بأنه مع تردي العلاقات الصينية الأميركية خلال الفترة الأخيرة، عادت الجهود الدبلوماسية غير الرسمية إلى التحرك، لضمان الحد من تصعيد الخلافات بين البلدين، والتقليل من فرص الانزلاق إلى مواجهة فعلية بينهما.

وفي المقابل، يرى خبراء في العلاقات الدولية أن التعويل على كيسنجر لإعادة ترميم العلاقات بين بكين وواشنطن مجرد وهم وعملية غير مجدية، حيث تسعى واشنطن إلى احتواء وتطويق الصين، وتسود أزمة ثقة عميقة بين الجانبين تعيق عمل القنوات الدبلوماسية الخلفية، وتجعلها دون جدوى، ويشيرون إلى صعوبة فتح مسارات جديدة في ظل العلاقات المتوترة بين البلدين.