لكل السوريين

عصر التنوير

التنوير حركة فكرية مهمة في تاريخ أوروبا الحديث بدأت أوائل القرن السابع عشر الميلادي، واستمرت حتى القرن التاسع عشر.

قام بها فلاسفة وعلماء نادوا بقوة العقل وقدرته على فهم العالم وإدراك قوانين حركته، واعتمدوا على التجربة العلمية والنتائج المادية الملموسة بدلا من الاعتماد على الخرافة والخيال.

وعصر التنوير مصطلح يشير إلى نشوء حركة ثقافية اعتمدت على العقلانية ومبادئها كوسائل لتأسيس النظام الشرعي للأخلاق والمعرفة بدلاً من الاعتماد على الموروث الديني والاجتماعي، وشدَّد فيها الفلاسفة على العقل باعتباره أفضل وسيلة لمعرفة الحقيقة.

واعتبر رواد هذه الحركة مهمتهم قيادة العالم إلى التطور والتحديث، وتجاوز الأفكار اللاعقلانية والتقاليد القديمة السائدة ضمن الفترة الزمنية التي أطلقوا عليها اسم “العصور المظلمة”.

ودعوا إلى خروج الإنسان من عجزه عن استعمال عقله، لأن العيب لا يكمن في العقل نفسه، بل في الافتقار إلى القرار والشجاعة في استعماله.

سيادة العقل

كان فلاسفة عصر التنوير يؤمنون بأن للبشر ميّزة تميّزهم عن كافة المخلوقات الأخرى، لأنهم يستخدمون عقولهم، وبأن كافة الناس يولدون ولديهم القدرة على استخدام العقل.

ولكن معظمهم غرقوا بالجهل والخرافة بفعل السلطات التي هيمنت عليهم في العصور الوسطى، وخاصة زعماء الكنيسة الرومانية الكاثوليكية الذين سعوا لإبقاء الآخرين جهلة، كي يحافظوا على سلطاتهم الشخصية.

وأكدوا أن لكل شخص إرادة عقلانية تمكنّه من وضع الخطط وتنفيذها، ولكن الناس لا يخططون لأمورهم مسبقاً، بل غالباً ما يتصرفون بالدوافع، بسبب التعليم غير الكافي.

كما تأثر فلاسفة العصر إلى حد كبير بالاكتشافات في مجال العلوم الطبيعية، مثل قانون الأجسام الساقطة الذي اكتشفه جاليليو في إيطاليا، وقانون الجاذبية الذي وضعه إسحق نيوتن في إنجلترا.

وأدركوا أن الوصول إلى تلك الاكتشافات تم عن طريق استخدام الرياضيات، واعتقدوا أنها تنتج خلاصات مؤكدة بشكل مطلق، لأنها بدأت بحقائق بديهية بسيطة، وانتقلت إلى حقائق أخرى، وباستخدام هذه الطريقة اكتشف العلماء قوانين الطبيعة.

ونتيجة لذلك، آمن فلاسفة عصر التنوير بأن الرياضيات هي النموذج الذي ينبغي على كافة العلوم الأخرى أن تقتدي به.

وقالوا إن أي شخص قادر على استخدام عقله، شريطة السماح لتلك القدرة بالتطور، وشدَّدوا على أهمية التعليم، وأصروا على حق حرية التعبير، وعلى التسامح مع الأفكار المتنازعة.