لكل السوريين

الرواية العربية، تاريخ بدأ بعد انتهاء الاحتلال العثماني

عبدالرحمن العيسى

الرواية فنٌّ من الفنون الأدبيّة النثريّة القائمة على الأسلوب السرديّ، وهي أطول أنواع القصص؛ فهي عبارة عن أحداث كثيرة مُتتابِعة، تحصلُ بين شخصيّات عديدة، في زمن طويل المدى، وقد يستغرقُ الزمن عمرَ البطل، أو أعمار أجيالٍ مُتتابِعة، وباختصار فإنّ الرواية هي قصّة طويلة.

نشأة الرواية العربيّة

كانت أوّل نشأة الرواية العربيّة في مصر خاصّة؛ بسبب ما مرَّ به العالم العربيّ من أوضاع سياسيّة، واجتماعيّة، وثقافيّة، فبعد انتهاء الحُكم التركيّ، وخروج الفرنسيّين من مصر، تعدَّدت البعثات، واختلطَ المصريّون بالغَرب، فألَّفوا القِصص وترجموها، فكان كتاب (تلخيص الإبريز في تلخيص باريز) لرفاعة الطهطاوي؛ حيث تحدَّث فيه رفاعة بأسلوب قصصيّ عن رحلة إلى باريس، وقد اعتبرَه الباحثون حجر الأساس الأوّل للرواية التعليميّة في الأدب الحديث.

وتُعَدُّ (وقائع تليماك) أوّل مُحاوَلة في ما يتعلّق بالرواية العربيّة في مصر في القرن التاسع عشر، ويتَّضح الهدف التعليميّ من مُقدِّمته التي كتبَها رفاعة في الرواية المُترجَمة، وسمَّاها ديباجة الكتاب، وقد ترجمَ رفاعة روايتَه؛ لهدَفين، الهدف الأوّل: تقديم نصائح للملوك، والحُكّام، والهدف الثاني: تقديم مواعظ للناس عامّة؛ لتحسين سلوكهم.

 زَيْنب أوّل رواية عربيّة

تُعَدُّ رواية زَيْنَب أوّل رواية في تاريخ الأدب العربيّ، للكاتب محمد حسين هيكل، الذي بدأ كتابتَها في باريس سنة 1910م، ونَشرَها سنة 1912م، وتَعرِضُ روايةُ زينب واقعَ الريف المصريّ، من حيث تقاليده القاسية، وطبيعة أفراده البسيطة؛ فهي تروي قصّة شابٍّ مُثقَّف من أبناء الطبقة المُتوسِّطة اسمه “حامد”، يحبُّ ابنة عمٍّ له اسمها “عزيزة”، إلّا أنّ التقاليد القاسية فی الريف تحولُ بينه وبين التعبير عن هذا الحب؛ فقد زوّجَها أهلُها من رجل آخر؛ ممّا أدّى إلى حرمان “حامد” منها، ثم يتعرَّف “حامد” على فتاة ريفيّة أخرى من الطبقة الكادِحة اسمها “زينب”، فيحبُّها، إلّا أنّ زينب لا تكترث له، وتفضّل عليه إبراهيم رئيس العمّال الذي يُشرفُ على عملها، فيُحرَم حُبّ زينب. وخلاصة الفِكرة أنّ هذه الرواية تَعرضُ حالة القرية التي ترى الحبَّ بين الرجل والمرأة مُخالِفاً للعادات والتقاليد.

أبرز الروايات العربيّة

يضمُّ الأدب العربي عدداً هائلاً من الأعمال الروائيّة التي تعود إلى العديد من الأدباء والكُتّاب العَرب، وقد نالت أعمالهم حظّاً وافراً من العناية، والمكانة العالية، والتقدير الكبير، وفي ما يأتي ذِكرٌ لبعض أبرز الروايات العربيّة، مُرتَّبة وِفقَ تصنيف اتحِّاد الكُتّاب العَرب:

الثلاثيّة: وهي الأولى عند اتِّحاد الكُتّاب العَرب، للكاتب المصريّ المعروف نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، وتُعَدُّ الثلاثيّة أفضل رواية عربيّة في تاريخ الأدب العربيّ حسب اتِّحاد الكُتّاب، والشخصيّة الرئيسيّة في الثلاثيّة هي شخصيّة السيّد أحمد عبد الجواد، وقد تتبَّعت القِصص الثلاث بعضاً من مراحل حياة ابنه كمال، منذ الطفولة، فالمراهقة، فالشباب، وتتكوَّن الثلاثيّة من ثلاثة أجزاء، هي: بين القصرين (عام 1956)، وقصر الشوق (عام 1957)، والسكريّة (عام 1957)، وجميعها تَعرِضُ رحلةَ البطل السيّد أحمد عبد الجواد وعائلته، وقد استوحى نجيب محفوظ عناوين الروايات الثلاث من أسماء شوارع رئيسيّة شهيرة في مدينة القاهرة عاصمة مصر، وهي المناطق التي عاش فيها مرحلة طفولته.