لكل السوريين

القرارات الحكومية الأخيرة تهدد بتفاقم ازمة مواصلات اللاذقية

اللاذقية/ سلاف العلي

بعد أن أجبرت الحكومة، جميع سائقي وسائل النقل العامة على تركيب أجهزة تتبع جي بي إس من أجل مراقبة عملهم، حددت محافظة اللاذقية مهلة لجميع الآليات والسيارات الحكومية والتكاسي وسيارات الغاز وآليات نقل البضائع وذلك لتركيب أجهزة التتبع، بقرار اعتماد نظام التتبع الالكتروني لجميع السرافيس وباصات النقل الداخلي وذلك ضمن إطار التوجه العام لتركيب الجهاز على جميع الآليات.

سائقو وسائل النقل في اللاذقية، يضطرون للحصول على المواد النفطية عبر الحكومة، وذلك بأسعار مدعومة في محاولة من الحكومة خفض تكاليف التشغيل، لتقديم خدمات المواصلات بأقل سعر ممكن إلى المواطن، إلا أن أصحاب السيارات يؤكدون باستمرار أنهم لا يحصلون على كميات كافية لعملهم اليومي.

تزامنا مع محاولات التخفيف من استهلاك المحروقات المدعومة عبر تقليص حصص وسائط النقل العامة باللاذقية، اصبحت القرارات الأخيرة تهدد بتفاقم أزمة المواصلات المستمرة منذ سنوات، وسط عجز الجهات المعنية عن تقديم الحلول الحقيقية، رغم تقديم عشرات الوعود المتعلقة بتخفيف وطأة الأزمة.

التضييق على سائقي وسائل النقل، يتم عبر العديد من الوسائل، أبرزها إجبار السائقين على تركيب أجهزة تحديد المواقع ودفع رسومها لمراقبة تحرك السيارات، وكل من يمتنع عن تركيب أجهزة التتبع من سائقي وسائل النقل، سيحرم من كميات البنزين المخصصة له.

واستنادا الى تصريحات حكومية باللاذقية فإن المسافة المسموحة يمكن أن تتراوح بين الـ 165 – 200 كم يوميا، دون تحديد المسار، وتحدد الكمية وفقا لذلك، إلى جانب معايرة الكميات التي تحتاجها السيارة كونها تختلف من نوع لآخر، حيث أن سعر الجهاز يتراوح بين الـ 300 – 350 ألف ليرة.

سعر لتر المازوت في السوق السوداء باللاذقية يزيد عن 10 آلاف ليرة والبنزين 12 ألف، ذلك ما يجعل اعتماد سائقي وسائل النقل على الشراء الحر للمحروقات أمرا مستحيلا، في وقت يحصل السائقون على المحروقات المدعومة للحكومة بأسعار 6800 و6600 للمازوت والبنزين على التوالي، لكن بكميات محدودة جدا.

آلية مراقبة السائقين عبر تقنية تحديد الموقع، تم اقراره لضمان الالتزام وتواجد وسائل النقل العامة على خطوطها، إلا أنها فشلت هي الأخرى في إحداث فرق في أزمة المواصلات.

في جولة على الشوارع في اللاذقية، ستجد الازدحام الشديد على وسائل النقل القليلة، في ظل امتناع شريحة واسعة من السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقيهم مخصصاتهم الكافية من المحروقات، ومحاولة ملاحقتهم وفرض العقوبات، لتصبح المواصلات عبئا جديدا يضاف إلى أعباء المواطن المعيشية والاقتصادية.

ان تركيب أجهزة التتبع جاءت على حساب أصحاب السرافيس، إذ أصبحت مركباتهم تتوقف لفترات طويلة بانتظار الركاب للانطلاق من الكراجات، وتم فرض على السرافيس العاملة على خطوط النقل العام تركيب أجهزة التتبع التي تحدد لهم المسافات المقطوعة خلال اليوم، ومن خلالها ستزود بالوقود بالسعر المدعوم مقابل العمل بالتسعيرات والتي يعتبرها السائقون غير كافية.

انتهت مع نظام العمل الجديد ظاهرة بيع المخصصات من المازوت في السوق السوداء، فكل سرفيس لا يقطع المسافة المحددة على الخط المحدد له لا يحصل على أي مخصصات من المحروقات.

السيد او ياسر أحد سائقي السرافيس على خط اللاذقية الريف قال لنا: إن إدارة النقل في كراجات الانطلاق خفضت كمية المازوت المدعوم من تسعة إلى ستة ليترات للرحلة الواحدة بعد تفعيل أجهزة المراقبة واشترطت الحصول على تلك المخصصات بعد إتمام ست رحلات في اليوم الواحد، وبعد انتهاء تطبيق نظام الجي بي اس عادت جميع السرافيس للعمل على خطوطها بشكل نظامي، وانتقلت مشكلة المواصلات من أن الراكب لا يجد وسيلة نقل إلى صاحب السرفيس الذي يعمل بلا جدوى.

الانسة غنوة طالبة جامعية من ريف اللاذقية قالت لنا: إن مشكلة المواصلات حلت بالفعل بعد تطبيق نظام التتبع، وأصبحت السرافيس تنتظر الركاب كما كانت سابقا، كان أصحاب السرافيس يبيعون الوقود الممنوح لهم بالسعر المدعوم في السوق السوداء، ويربحون من فرق السعر دون الالتفات إلى معاناة المواطنين، ومع تطبيق القرار، انتهت هذه الظاهرة، وأُلزم جميع السائقين بالعمل وفق التسعيرات المحددة وعلى خطوطهم، ما انعكس على أسعار السرافيس بعد تناقص الأرباح التي كانت تحققها.

السيد أبو تيسير صاحب سرفيس قال لنا: إن السرافيس فقدت ربع قيمتها بعد تطبيق نظام التتبع، وما كان سعره نحو 150 مليون ليرة سورية، أصبح اليوم بمئة مليون، نتيجة عدم تحقيق أرباح كافية من العمل عليه، وأن السرفيس الذي كان يعمل بشكل نظامي وينقل الركاب على الخط المرسوم له، كان يحقق زيادة يومية في المازوت المخصص له في كل رحلة، تضاف إلى الربح المحقق من نقل الركاب، لكن بعد تطبيق النظام وتخفيض كمية المازوت المخصصة للرحلة، تناقصت هذه الأرباح، وأصبح السرفيس بالكاد يوفر ثمن الصيانة الدورية اللازمة له، ما خفض سعره في سوق السيارات.