لكل السوريين

تطور الدساتير السورية

احتضنت الحضارة السورية الضاربة في القدم أولى الشرائع المكتوبة في تاريخ البشرية، حيث اكتشف علماء الآثار الكثير من القوانين المكتوبة في منطقة سوريا التاريخية، تعود إلى مراحل وحضارات تاريخية مختلفة، ويعود أقدمها إلى تاريخ 2360 قبل الميلاد، في مملكة ماري التي تأسست في الألف الثالث قبل الميلاد على ضفاف نهر الفرات في الجزيرة السورية.

ومع التطور الاجتماعي، عبر التاريخ المعاصر بقيت مركز التشريع والتقنين في محيطها الجغرافي رغم التقلبات السياسية والاجتماعية والانقلابات العسكرية التي عصفت بها.

ولعبت الأحزاب والقوى السياسية المستقلة دوراً بارزاً في تطور الدساتير السورية، وخاصة الكتلة الوطنية التي انقسمت فيما بعد إلى حزبين، حزب الشعب والحزب الوطني الذي استمر بالعمل إلى أن تم حل الأحزاب خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر، وعاد الحزب إلى العمل بعد الانفصال، وفاز بالأغلبية في انتخابات العام 1961.

 

السلفيون 2

وجد علماء الحلقة السلفية الأولى أن التفسيرات المعتادة للإسلام لم تعد قادرة على توفير أساس للحيوية الإسلامية، وفسروا ضعف الإسلام في مواجهة أوروبا بأن المسلمين ضلوا عن “الإسلام الحقيقي”، وأكدوا أنه لا بد من إعادة اكتشاف الإسلام، والعودة إلى العمل حسب أصوله.

واعتبروا أن أوروبا بحضارتها ونزعتها الاستعمارية مثلت تهديداً عسكرياً للأراضي الإسلامية، وعلى التيار السلفي أن يواجه هذا التهديد الذي يستهدف جوهر الهوية بالدرجة الأولى.

فكانت السلفية محاولة للتغيير الاجتماعي تتناسب مع الوضع الفكري في مطلع القرن الماضي،

حيث رأى علماؤها أن الإسلام يسمح بالتكيف مع الظروف المتغيرة، ولذلك يستطيع المسلمون أن يتمسكوا بدينهم، وأن يحققوا التقدم الاجتماعي والتقني في الوقت نفسه.

فتمثلوا الأفكار السائدة آنذاك حول العقل والعلم في تفسير الإسلام، وفتحوا باب الاجتهاد الذي كان متوقفاً، لتحقيق أمرين مهمين:

أولهما لأن الاجتهاد يمثل عقلانية الإسلام إذا استخدم العلماء عقولهم لفهم النص القرآني.

وثانيهما لأنه سوف يحل محل المذاهب كأساس للممارسة الفقهية في محاولة لإنهاء الخلافات الناشئة من التحزب المذهبي.

وعزز السلفيون موقعهم من خلال ربط حلقتهم الإصلاحية بتيارات واسعة من الشباب التركي، ثم مع “لجنة الاتحاد والترقي”، وأخيراً الشباب السوري المعني بإحياء الثقافة العربية من خلال جمعية النهضة العربية.

لكن مساندة السلفيين للجنة الاتحاد والترقي تلاشت في خريف 1909، فربطوا مصيرهم بالكتلة المطالبة باللامركزية في الإمبراطورية العثمانية، وهي كتلة مفككة وليست متماسكة البنية.

كما تراجعت العلاقة بین السلفيين والعروبيين بسبب اختلافهم معهم حول شعارهم المفضل “الإصلاح” الذي أصر السلفيون عليه ضمن إطار الامبراطورية العثمانية.

وعلى الرغم من جاذبية الأفكار السلفية آنذاك، إلا أن أصحابها عجزوا عن تحقيق هدفهم بإعادة العلماء والقانون الإسلامي إلى مركز الصدارة في المجتمع السياسي، وساهم في ذلك دعم وحماية السلطان عبد الحميد للمحافظين.

في حين وضع التيار العلماني والعروبي الذي كان يجتاح سوريا جداً فاصلاً بین الهوية القومية والهوية الدينية.