لكل السوريين

قلة الرواتب تدفع موظفين للاستقالة في دمشق

دمشق/ روزا الأبيض

دفعت قلة الرواتب المئات من موظفي المؤسسات الحكومية في دمشق إلى الاستقالة مؤخرا، وتقف الحكومة عاجزة أمام انهيار قيمة الرواتب والأجور أمام المواد الغذائية والسلع الأساسية للأسر السورية، فضلا عن انهيار العملة المحلية، الذي أفقد الرواتب في سوريا نسبة كبيرة من قيمتها.

قبل بداية الأزمة السورية، كانت الوظائف الحكومية في سوريا مطلوبة بشدة، حيث وفروا للناس الأمن الوظيفي، وتم ضمان الترقيات وزيادة الرواتب، ونادرا ما كان معظم موظفي الخدمة المدنية مثل المعلمين والأطباء وأفراد القوات المسلحة يتعرضون للإجهاد، إذ كانوا يعملون بضع ساعات فقط في اليوم ويقضون عطلات رسمية طويلة.

طلبات الاستقالة تزايدت من المؤسسات الحكومية السورية بعد اتساع الهوة ما بين الراتب الذي يتقاضاه العامل وأسعار المواد الاستهلاكية، إضافة إلى أجور المواصلات من سكنهم إلى مكان عملهم، وبحسب مسؤولين في مؤسسات رسمية بدمشق هناك عشرات الاستقالات تقدم يومياً.

وأغلبية الطلبات، التي تم تقديمها لعمال تتراوح سنوات الخدمة لديهم بين 20 إلى 25 عاما لم يوافق عليها بسبب حاجة الجهة العامة لخدمات العمال الموجودين لديها.

تجاوز متوسط تكلفة المعيشة لأسرة سورية مكونة من خمسة أفراد 2.8 مليون ليرة سورية، أي أكثر من 28 ضعف متوسط رواتب الحكومة، وبالتالي، ليس من المستغرب أن يحاول العديد من موظفي الخدمة المدنية العثور على شيء أفضل، سواء في الداخل أو في الخارج، إذ أدى انخفاض قيمة الليرة السورية، ومستويات التضخم غير المسبوقة، ونقص السلع الأساسية، والتداعيات العالمية لغزو روسيا لأوكرانيا إلى زيادة كبيرة في تكلفة المعيشة في سوريا وخلق فجوة غير مسبوقة بين الدخل والإنفاق.

ولذلك، يتجه سكان دمشق إلى المساعدات المقدمة من الدول الخارجية، بالإضافة إلى الحوالات التي تأتي من الخارج من قبل الأهالي والأصدقاء وغيرهم، في تعبير واضح عن مدى التدهور الاقتصادي في سوريا، حيث كشفت مصادر اقتصادية في وقت سابق، عن أن 70 في المئة من السوريين يعيشون على الحوالات، مقدرة حجم المبالغ التي تصل سوريا من المغتربين يوميا بـ5 ملايين دولار، وفق تقارير إعلامية.

أدى التضخم وانخفاض قيمة العملة إلى تآكل مكانة السوريين الاقتصادية بشكل مطرد، فخلال الأشهر الثلاثة الماضية، ارتفعت أسعار بعض السلع بأكثر من 300 بالمئة، كالزيوت والمنتجات الحيوانية، فيما يبلغ متوسط ارتفاع الأسعار، منذ مطلع العام الجاري، بين 30 و50 بالمئة، بما في ذلك المنتجات محلية الإنتاج والصناعة.

وبحسب موظفين أن، أجور النقل تستهلك أكثر من نصف رواتب العاملين في القطاع العام، فلم يكن أمام الموظفين أي خيار آخر سوى التقدم باستقالاتهم، ليصل عدد المستقيلين منذ بداية العام ولتاريخه، إلى نحو 400 موظف، في دمشق، وهذ الأمر ينبئ بكارثة ويؤدي لإفراغ المؤسسات السورية من كوادرها العمالية.

الآن، بات موظفو المؤسسات الحكومية يبحثون عن طريق للهجرة وبيع ممتلكاتهم، لتأمين معيشة أولادهم في ظل العجز الكبير وتدني قيمة الأجور للموظفين في سوريا، وهذا الأمر يشكل خطر داهم على سير العمل، وفي الآونة الأخيرة بدأت مؤسسات القطاع العام تعاني من قلة في الكوادر العاملة نتيجة الاستقالات الكثيرة.