لكل السوريين

كارثة عطش في ريف القدموس… آلاف السكان بلا مياه وسط الفقر والجفاف

طرطوس/ اـ ن

يعيش سكان قرى منطقة القدموس بريف طرطوس منذ عدة أشهر في مواجهة أزمة مياه شرب حادة، فاقمتها ظروف معيشية واقتصادية صعبة، بعد توقف كامل لعدد من الآبار الارتوازية وعيون المياه، نتيجة أعمال سرقة وتخريب طالت معداتها الأساسية من قبل أشخاص مجهولين.

وقد تسبب هذا الانقطاع في حرمان آلاف السكان من المصدر الرئيسي للمياه، ما اضطرهم للاعتماد على صهاريج مياه خاصة، بتكلفة تتراوح بين 200 إلى 250 ألف ليرة سورية لتعبئة خزان واحد، وهي مبالغ تفوق متوسط الدخل الشهري لمعظم العائلات في تلك القرى.

أمام هذا الواقع، باتت المياه سلعة باهظة الثمن لا يقدر الجميع على تحمل كلفتها، ما دفع الأهالي لتقنين استخدامها لأقصى الحدود، والاكتفاء بها للشرب والطبخ فقط. أما النظافة الشخصية والغسيل، فغدت رفاهية لا تليق إلا بمن يملك القدرة على دفع المزيد، رغم أن المياه التي يتم شراؤها من الصهاريج لا تخضع لأية رقابة صحية أو معايير جودة واضحة.

وتعتمد معظم قرى القدموس على الزراعة وتربية المواشي كمصدر دخل رئيسي، إلا أن تغير المناخ، وشح الأمطار في السنوات الأخيرة، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وغياب أي دعم زراعي حكومي، أدت إلى تراجع النشاط الزراعي، وارتفاع معدلات البطالة والفقر.

وجاءت أزمة المياه لتضيف عبئاً جديداً إلى كاهل السكان، خصوصاً في ظل عدم قدرتهم على تأمين كميات كافية لأطفالهم وكبار السن، مما ينذر بظهور أمراض ناتجة عن سوء النظافة ونقص المياه النظيفة، في ظل غياب شبه تام لمراكز طبية مؤهلة في المنطقة.

الأهالي في قرى القدموس ناشدوا الجهات المعنية في محافظة طرطوس التحرك العاجل لإصلاح الآبار المتوقفة وعيون المياه المتضررة، وتأمين حماية دائمة لها من أي أعمال تخريبية لاحقة، بالإضافة إلى توفير صهاريج مياه بأسعار مدعومة أو بشكل مجاني حتى انتهاء الأزمة، وتقديم الدعم الإنساني للعائلات الأكثر تضرراً.

وتتحول أزمة المياه في هذه القرى من مجرد خلل خدمي إلى كارثة إنسانية متفاقمة، في مناطق تعاني أصلاً من الفقر، التهميش، والجفاف. ومع غياب أي بوادر لحلول عاجلة، يبقى سكان ريف القدموس عالقين في دوامة من العطش والمعاناة اليومية، في انتظار تحرك رسمي سريع يعيد إليهم شريان الحياة، ويمنحهم بصيص أمل بالاستمرار في أراضيهم.