لكل السوريين

فائض بالبطالة في سوريا.. لا حلول حكومية وسط آمال بانتعاش الاقتصاد

تقرير/ مرجانة إسماعيل

لا تعتبر أزمة البطالة في سوريا ظاهرة عابرة بل نتيجة تراكمية لسنوات من الحرب والسياسات الاقتصادية الفاشلة. حلّها يتطلب رؤية شاملة تدمج بين الإصلاح السياسي والاقتصادي، مع أولوية قصوى لتمكين الشباب عبر مشاريع إنتاجية تُخرج الاقتصاد من دائرة الاستهلاك إلى الإنتاج. بدون ذلك، ستظل “الوعود الحكومية” حبراً على ورق، وسيبقى الشباب السوري بين مطرقة البطالة وسندان الهجرة.

تشكل مسألة البحث عن فرصة عمل حاجة ملحة للشباب السوريين أمام ندرة الفرص وكثرة الطلب عليها، خاصة مع تدني مستوى الدخل لمعظم الأسر السورية.

يشكل سقوط نظام الأسد المخلوع والتحولات السياسية والاقتصادية التي تمر بها سوريا مرحلة مفصلية، تفرض تحديات على سوق العمل وفق مراقبين.

وخلق الانتقال من مرحلة اقتصاد الحرب إلى مرحلة جديدة مليئة بالوعود الحكومية بالذهاب نحو الاقتصاد الحر والخصخصة، حالة من الإرباك في سوق العمل بانتظار نتائج المخاض الاقتصادي، مما دفع إلى توقف بعض الأعمال المحلية وبروز أخرى، الأمر الذي يتطلب استراتيجية حكومية واضحة.

في غضون ذلك، تزداد معدلات البطالة ومن أسبابها تراجع سوق العمل وعودة المهجرين والاعتماد على الأعمال الموسمية وتوجه الشباب إلى القطاع الخاص وتراجع واقع الوظيفة العامة.

ويزداد الطلب على العمالة المؤقتة من المحال التجارية في مواسم الأعياد، مقابل مبالغ مالية لا تتناسب مع حجم العمل المطلوب منهم في هذه الفترة من السنة، ولكنها لا تخفف من وطأة البطالة.

وفي أيار/مايو الجاري، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد السوريين العائدين إلى بلادهم بلغ نصف مليون، منذ سقوط النظام البائد، واصفة ما يواجههم بالتحديات الهائلة.

واعتبرت مسؤولة الحماية في مكتب المفوضية في سوريا، لجين حسن، أن سنوات الصراع والأزمات دمرت الاقتصاد السوري، وتركت المنازل والبنية التحتية في حالة من الخراب.

وكشف تقرير المكتب المركزي للإحصاء، العام الماضي، الصادر بناء على مسح قوة العمل لعام 2022، أن قوة العمل في سوريا خلال العام نفسه بلغت 5.964.458 شخصاً، ما يعادل 26٪ من إجمالي عدد السكان، (الذي قدر وفق المكتب بـ 23.2 مليون نسمة)، وبنسبة تراجع بلغت 9٪ عن عام 2010، التي كانت 6.5 ملايين شخص.

في حين شهد عدد العاملين في القطاع الحكومي عام 2022 زيادة طفيفة، حيث بلغ عدد العاملين في هذا القطاع 1.447.895 شخصاً، أي بزيادة قدرها 6.46% عن عام 2010.

ولكن المعاشات الحكومية لم تكن تسد الرمق ولا تحقق الحد الأدنى من المعيشة، لذلك يميل الشباب إلى القطاع الخاص الذي لا يزال محدوداً ومرتبكاً بانتظار دخول الاستثمارات.

تجدر الإشارة إلى غياب إحصائيات رسمية جديدة بعد إسقاط النظام المخلوع، منذ نهاية العام الماضي، ولكن جميع المعطيات تشير إلى أن سوق العمل في حالة من الترقب والانتظار وكثير من الآمال.

في مرحلة ما بعد سقوط الأسد، تشهد المؤسسات الحكومية تراجعا في الإقبال نظرا لانخفاض الراتب في ظل غلاء المعيشة. ويعاني الموظفون في القطاع العام من تأخير تسلُّم رواتبهم، وعدم القدرة على سحب الراتب كاملا وحبس السيولة بالمصارف، ما أدى إلى تخفيض حجم الإنتاج ونشاطه.

وتشكّل أزمة البطالة وتدهور سوق العمل في سوريا بعد المرحلة الانتقالية أحد أبرز التحديات التي تعيق عملية التعافي الاقتصادي والاجتماعي، حيث تتفاعل عوامل سياسية واقتصادية وهيكلية عميقة لتُنتج واقعاً معقداً يتطلب حلولاً استثنائية.

وأعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عن إعادة تفعيل منصة سوق العمل، في إطار جهودها الرامية إلى تعزيز فرص التشغيل، وتطوير سوق العمل. وتهدف المنصة لمساعدة أصحاب العمل في الوصول إلى الكفاءات، والمهارات المناسبة لملء الشواغر المتوفرة، وتحقيق المطابقة الفعّالة بين الباحثين عن فرص عمل وأرباب العمل.‏

وأكدت الوزارة التزامها بدعم استراتيجيات التشغيل، وتعزيز الشراكة مع القطاعين العام والخاص، بما يحقق التنمية المستدامة، ويخدم تطلعات الشباب السوري.