لكل السوريين

حقائق شرق أوسطية

حسن مصطفى

لا يختلف عاقلان على أن هناك ثمة ثوابت في واقع الشرق الأوسط عامة والنظام السياسي العربي خاصة لا يمكن لأي ذي بصيرة ان يغفلها أو يتجاوزها أهمها وأولها أن النظام السياسي العربي بات اليوم يدرك أكثر من أي وقتٍ مضى أن الجغراسية الشرق أوسطية دخلت في مسارات التحديث والتغيير، بعد أن مضى على آخر تغيير وتحديث فيها، ما يزيد على المئة عام، وهو تاريخ اتفاقية سايكس بيكو السيئة السمعة والصيت، التي رسمت الحدود السياسية لدول الشرق الأوسط الحالية، ويبدو أنه قد آن الأوان برأي دهاقنة السياسة العالمية لرسم الحدود السياسية بين دول الشرق الأوسط من جديد، وبما يتوافق مع رؤيتهم الاستراتيجية للعالم ويخدم مصالحهم، فبات من الضروري صياغة الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به السيدة كونزاليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية إبان أزمة الخليج الأخيرة.

وثانيها أن إسرائيل باتت اليوم رقماً صعباً في المعادلات السياسية العالمية والاقليمية ولم يعد بإمكان أحد تجاوزه أو القفز فوقه.

وإزاء هذا الواقع الجديد الذي كان يفترض توفر وعياً سياسياً متقدما ً وحسا ً عالياً بالمسؤولية من لدن ساسة النظام العربي، لكن المفاجئ والمؤسف أنهم كانوا وطيلة سنوات الصراع يلجأون لسياسة النعامة التي إن داهمها الخطر تقوم بدس رأسها في الرمال لعل الخطر لا يراها، وليس هذا فحسب بل بادروا في الدخول بسباقٍ ماراثوني من أجل أن يحظوا بأعطية من عطاءات المشغل الرئيسي؛ لهم لا تزيد عن اعتبارهم أداة من أدواته التنفيذية في المنطقة، وهم بذلك يفعلون كما يؤمرون دون أن يحق لأي منهم الاستفسار أو السؤال، وهم بذلك يطمعون من وراء ذلك الخنوع والاستسلام للحصول على الرضا الإسرائيلي، من هنا نفهم هذا الاندفاع غير المسبوق باتجاه التطبيع مع اسرائيل لذلك لم يكن القرار الإماراتي بالتطبيع مع اسرائيل مفاجئاً للمراقبين والمتابعين  للشأن السياسي في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن كان قد سيقهم في ذلك دول عربية أخرى.

وبات الآن العمل على المكشوف كما يقال، بعد أن سقطت ورقة التوت عن تلك الأنظمة ولم تعد تبالي تلك الدول بردود الفعل الشعبية إزاء هذه المواقف الرسمية العربية، بعد أن ملت تلك الشعوب من المتاجرة بقضيتها المركزية التي كلفتها الكثير من التضحيات وتخلف التنمية وهدر للطاقات والموارد.

إن مثل هذا القرار السياسي الخطير على مستقبل المنطقة قد يفهمه البعض بأنه قراءة موضوعية واقعية للواقع السياسي العربي والشرق أوسطي والعالمي، في حين يراه آخرون بأنه بداية لمرحلة ما يسمى بالسقوط الرسمي العربي وبمباركة غربية حيث أمست إسرائيل دولةً شقيقة بعدما كانت صديقة طيلة سنين الصراع الافتراضية.

واليوم أصبحت اسرائيل جزءا حيوياً ينبغي دمجه في هذا المحيط من أجل تطوير وتنمية المنطقة عبر رؤية سياسية اقتصادية استراتيجية للشرق الأوسط الجديد الذي رسمت ملامحه من قبل قوى العولمة العابرة للحدود والشعوب.