لكل السوريين

منغصات.. وأحلام مبكرة!

أخذت الصحافة، جانباً كبيراً من اهتمامات الصحافي والكاتب عبد الكريم البليخ، فقد ظل محبّاً وعاشقاً لعمله حتى الثُمالة، ونجح فيه، كان وما زال هاوياً وتواقاً للترّحال والسفر، ومنذ الصغر، فانتقل من مكان إلى آخر بحثاً عن الرزق، حيث زار العديد من دول العالم، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، ورست سفينته أخيراً في النمسا، وفي مدينة “فيينا” بصورةٍ خاصة، لا سيما أنها تشتمل على كثير من المباني التاريخية والمعالم الحضارية، فضلاً عن أماكن التسوّق وغيرها.

نشاطه الإعلامي واسع، حيث كتب في عدد من الصحف المحلية السورية، والمجلات العربية التي تصدر خارج الوطن، ناهيك بالمواقع الإلكترونية ــ وما أكثرها ـ كما عمل محرراً في قسم التحقيقات في صحيفة الشرق القطرية، وتناول العديد من القضايا الخدمية والاجتماعية المهمّة، ويكتب حالياً في مدونة “العربي الجديد”، الصحيفة الصادرة في لندن، بمصداقية وبلغة صحافية متميّزة سلسة ومشوّقة، ناهيك بصحيفة “الراية” القطرية، و”رأي اليوم” الصادرة في لندن.

ولد الأديب الصحفي الشاب عبد الكريم البليخ في مدينة الرَّقة في عام1965 ودرس في مدارسها، وأكمل دراسة الحقوق في جامعة بيروت العربية.

ويعد البليخ من المهتمين بالأدب، و في كتابة المدونات.. إذ نشأ في أحضان طبيعة الرّقة الساحرة بآثارها الرائعة.. حيث كانت ملعبه، وفي حيّه يلتصق بأهله ويستمع حكاياتهم المؤنسة،  زاد الرّقة الذي لا ينتهي.. وهي المفطورة على الحكاية فانتقل النسغ إليه منذ نعومة أظفاره ليحقق حلمه في صغره٠

وقد تلازمت علاقته بالصحافة وحبّه للسفر والترحال، منذ سنّي طفولته المبكرة، وقد أثار فيه نوازع كثيرة جعلته أكثر التصاقاً بالواقع وتشبثاً به. ويوم كان يافعاً حقق حلمه في الاغتراب وتلبية النداء الملحّ داخله للترحال والسفر، وكان في مجملها إلى الولايات المتحدة الأميركية بهدف الاطلاع على واقع الحياة في هذا العالم الجديد٠

يكبر البليخ ويمسك بالقلم ليكتب في مجالات مختلفة منها المقالة الاجتماعية والاقتصادية والرياضية، وحتى السياسية، ناهيك بالتحقيق الصحافي الذي نجح فيه، وجميعها تتناول الجانب الإنساني المدهش والجميل في حياة الناس، الذي لا يخلو من الغرائبية في الشكل والمضمون، والتي تتجاوز المألوف والعادي في لغتها وحواملها الفنية والتقنية، ولاقت ترحيباً ونجاحاً وتفوقاً من خلال الصحف والدوريات التي يكتب فيها على مستوى القطر والوطن.

عاش البليخ فترة من التأمّل والرجاء، وكان الأمل مجرد حلم وردي إلا أنّه تحوّل هذا الحلم الى واقع معاش حي ملموس. والسفر والاغتراب كان حلمه الأهم الذي طالما بحث عنه، وتغنّى به وخاض غمار تجربته الغنية وكان ذلك في مطلع عام 1988 حين سافر إلى لبنان لدراسة الحقوق فيها، وسافر إلى المملكة العربية السعودية في عام 1995ومنها إلى تركيا والأردن والإمارات العربية المتحدة. ومن أهم زياراته إلى الولايات المتحدة الأميركية في صيف عام 1999.

 

ابن بيئته

وبخبرته المتواضعة، بات يعرفُ بعض الشيء عن هذه القارّة الحافلة، والدنيا الهائجة المائجة، تلك القارة التي قامت على الهجرة، على الوافدين. فلا يكادُ يوجدُ شعبٌ في العالم القديم إلاّ وله جالية في هذا العالم الجديد، في مساحة تبدو وكأنها لا آخر لها، في بيئات جغرافية متفاوتة، من المدن الكبرى، إلى القرى الصغيرة، إلى الجبال المغطاة بالثلوج، إلى المساحات الشاسعة .. من السهول الزراعية، إلى الصحراوات الحارّة الكبرى التي تُضارع صحارى آسيا وأفريقيا.

إنَّ أمريكا، كما يؤكد، ما زالت في الواقع دولة شابة، ليست في شيخوخة أوربا مثلاً، فهي كالمعدة الشرهة تهضمُ المهاجرين، وتمتصُ العقول من كل أنحاء العالم. وكلّنا نعرف في بلادنا مشكلة هجرة العقول ويعرفها معنا العالم كلّه من أوربا إلى آسيا وأفريقيا، فالشاب الذي يذهب طالباً للعلم، وينبغ، نادراً ما يعود إلى بلده، بعكس الذاهبين إلى أوربا مثلاً، وفي أمريكا يقولون إنَّ أهم سلعة تستوردها أمريكا هي العقول الأجنبية.

وحول تجربته الصحفية في الدول العربية قال: كانت زيارتي الأولى إلى قطر في عام  2006 مارست خلالها الأعمال التجارية والمهن الحرة، وأتبعتها زيارة أخرى في العام التالي، إلى أن حصلت على عقد عمل في صحيفة الشرق القطرية، وعملت حينها في قسم التحقيقات، ومن خلال تجربته يبين البليخ لنا ملاحظته أنّ الملامح، التي تميّز الصحافة الخليجية إغراقها في الجانب المحلي، وإبراز الحالة الاجتماعية وحجم العمل الكبير، وضعف الأجور لقاء الجهد المبذول، دفعه هذا لاحقاً إلى ترك العمل في الصحيفة٠

وكان يقرأ البليخ خلال فترة حياته كتباً مختلفة لكتاب كبار مثال: مكسيم غوركي، أنطون تشيخوف، ديستويفسكي، جورج أورويل، والبير كامبو، وسارتر، وبودلير، بالإضافة إلى عباس محمود العقاد، زكريا تامر، إبراهيم المازني، يوسف إدريس، طه حسين، عبد السلام العجيلي، رجاء النقاش، الطيب صالح، وغيرهم من الكتاب والصحفيين.

وقرأ السير الشعبية مثل: تغريبة بن هلال، وفيروز شاه، والأميرة ذات الهمة، وعنترة، ألف ليلة وليلة، وقد ظهر هذا التأثر جلياً منذ بداياته، ومازال يرافقه، حتى الآن. فمنهم تعلم المدونة والمقالات والنصوص الأدبية الأخرى وتجلياتها، وكلما شعر بالعجز ليعود، ويغتني بهم من جديد، أدى ذلك إلى صقل موهبته وتمكينه من السياق السردي الأدبي، حيث كانت الكتابة ملاذه الوحيد ولا يجد نفسه إلا فيها٠

ومدينة الرَّقة حبّه الأول، وكيف لا وهي مسقط رأسه أينما حل وحيثما حلل. فهو ابن الفرات. ابن بيئته، وظرفه وزمانه، وصفاته الشخصية الخاصة، فهو يحمل عَبق الفرات وعمقه وعطائه وتقلبه، وهذا ما يجعله متميّزاً وذلك بمعنى الخصوصية والاختلاف .

عشق البليخ الرّقة، فهو معجون بدمها وهوائها وثراها ونجومها وآثارها وضفافها وصفصافها، وباب بغداد، وقصر البنات، وجسرها المنصور حيث كان يقفز منه ورفاقه يسبح بنهرها العذب أيام القيظ الحار .

ومع  أنه زار مدناً وبلاداً كثيرة في الشرق والغرب، ورأى في أسفاره الغريب، العجيب والمثير والمدهش، إلا أنه ظل مملوءاً بعوالم بلدته الرّقة التي لا تهرم، وبروعتها وسحرها وغرائبيتها الآسرة. في أيامه كانت الرّقة مدينة حضارية لجماليتها، وآثارها تجذب السيّاح إليها من كل أصقاع الدنيا، ومسرحاً يضجّ بالثقافة والأدب بمختلف نواحيه، وبالأدباء الكبار والمكتبات، التي لا تعد ولا تحصى، والمركز الثقافي عامراً بالأدب وكافة النشاطات والمهرجانات التي تقام فيه في مجال الشعر والقصة والرواية والمقالة.

حيث انطلق الكاتب فيها محمّلاً بهواجسه الوطنية والقومية، إلى تصوير القاعدة الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية في الريف والمدينة، لتأكيد مقولات الصراع الطبقي، وما يرتبط بها من ثنائيات الخير والشر في مراحل تاريخية حافلة بالرهانات السياسية والاجتماعية الجديدة٠

 

موهبته الأدبية

لا شك أن الصحفي عبد الكريم البليخ يعد من أبرز أدباء عصره بالنسبة لأبناء جيله من الشباب في مجال الأدب والمدونة والمقالة، فهو ذو عبقرية فريدة مجسداً إيّاها في سير المقالة الأدبية والمدونة بطريقة خاصة به، وبأسلوب متفرد٠وتمتاز لغته بالعبارة الجمالية وجودة الصياغة، والإيحاء الملائم لها، ويختلف أسلوبه عن أساليب الأدباء الآخرين.. ومن خلال كتاباته ومقالاته الأدبية الماتعة، والمدونة الساحرة حيث يرصد البليخ حال المرأة وتطورها في المجتمع الراهن، واهتمامه وحبّه لوطنه، واعتزازه بقوميته أينما وجد.  فهو كاتباً مخلصاً لقلمه ووطنه وعمله المتفاني، وابتعاده عن الضحالة والسطحية والنفاق والكذب والمهادنة، فهو صادقاً، وفياً، مخلصاً في كتاباته، محبّاً لرفاقه ومحبوباً، ويعد مفصلاً هاماً، ومنعطفاً فريداً في مسار المقالة الأدبية والمدونة في سورية.

فالبليخ يجيد التعمّق في المعاني وسياقها، ولديه قوّة العقل وحدّة الذكاء والفطنة، وسرعة البديهة والحس المرهف، مما جعلته يبتعد عن زلة القلم في حياته الأدبية، فكانت جزالة الألفاظ والمعاني وجماليتها اللغوية تمتاز بجودة وصياغة عالية من خلال الاستعارة بأنواعها، والصور البديعية الجميلة مأخوذة من الطبيعة الساحرة، التي تدل على مخيلة واسعة لديه .

ومن هنا كانت لغته لغة صارمة وواثقة وقريبة من القلب، والدافئة الهادئة، التي تنقل الإحساس دون زوائد فارغة، فهي اللغة المحكمة والمتمكن فيها وكيف لا وهو ابن بيئته. فهو الأديب الفراتي يحمل موهبة ذات خصوصية متفردة.

إنَّ البليخ يحمل عبق الفرات وعمقه وهوائه وعطائه وتقبله مما يجعله متميزاً، وهذا ما لمسناه عنده خاصة في الارتقاء بنفسه وبأدبه لأنه أدب. فهو لم يخطط له، ولا سبق أن أتبع خطوات في الكتابة، إنما هو القدر “موهبة الهية”، وهذا ما يسعده، والنجاح لؤلؤة، أو درّة ثمينة تحتاج الى جهد ومهارة وصبر للوصول إليها٠

وما يتصف من الأفكار بأنه خارق للعادة، فهو قادر على تهيّج مشاعره وعواطفه، وإثارة العقول من مرابضها، وإدراك الجمال في المضمون أكثر من الشكل.

يمتاز البليخ بذكاء حاد متقد الذهن، وذو رؤية عميقة صادقة ونبيلة، بالإضافة للإخلاص والوفاء بعمله الأدبي.  فهو يختار العنوان، أو العلامة أو الدليل، أو العلاقة التي تناسب النص شكلاً ومضموناً رغم أنه في رحاب الغربة، لم يتوان عن حبّه لوطنه وواجبه اتجاهه قيد أنملة، بل كان يرصد ما يجري ببلده بعين ثاقبة، لم يسبقه أحد في ذلك.

وأكثر ما لمسناه عند البليخ، مدى التزامه بقضايا أمته ووطنه، ولو عن بعد، وفي سفر الغربة إلى ما كان يتميز به من قوة في الإحساس ورهافة الحس والحدس من خلال سيره الأدبي في مواكبة البشرية مسيرتها، نحو الهدف الأسمى للوجود الإنساني، وهي رؤيا مثالية حقة٠ فهو يعي روح عصره، ويندمج في تياره، ويسهم عن طريق الكلمة والفكر وهو جزء من جماعة الأدب، أو حركته يؤدي دوره ليسهم في زيادة وعي الناس وصقل وجدانهم٠

ولديه قدرة الكاتب على التعبير عن الحقيقة العامة، من خلال تجربته الخاصة المركزة، بحيث يستجمع كل الخصائص المميزة لتجربته الشخصية ويستخدمها في خلق رمز، وهي الطريقة الوحيدة للتعبير عن العاطفة في قالب فني وتوازن في الحواس.

 

خبراته العملية

لا شك كانت خطواته أشبه بعاصفة محفوفة بالمخاطر في درب الحياة، خلال فترة اغترابه، ولديه مهارات وهوايات وخبرات عملية متنوعة:

–  مستكتب في صحيفة “هافنغتون- بوست عربي” في العام 2015 ـ 2016

–  مستكتب في صحيفة “رأي اليوم” الالكترونية حالياً، ومنذ عام 2014

–  مراسل لموقع “شام برس” الالكتروني اليومي ومنذ عام 2008ولمدة أربع سنوات.

– محرر في مجلة “الأزمنة” الاقتصادية الأسبوعية منذ عام2009ـ 2013.

– مراسل لجريدة “الخبر” الاقتصادية الأسبوعية منذ عام 2008

–  مراسل لجريدة “الثورة” السورية في مدينة الرقة من بداية عام 2006 ـ 2007

– محرر في قسم التحقيقات بجريدة “الشرق” القطرية في عام 2008

ـ مشارك في صفحة “منبر الراية القطرية الحر” منذ عام 2019 وإلى اليوم.

ـ إدارة مكتب مجلة “المجتمع الاقتصادي” الشهرية منذ مطلع عام2007

ـ إدارة مكتب جريدة “الدبور” الأسبوعية السورية منذ عام 2001 ـ 2005

– مراسل لجريدة “البعث” السورية من عام 1982ـ 2006

– مستكتب في مجلة “الصقر” الرياضية القطرية من عام2001 ـ 2007

– مراسل لجريدة “الأسبوع الرياضي” السورية من عام 1979 ـ 1982

– مراسل لجريدة “الرياضة” السورية من عام-1983ـ 1987

– مراسل لجريدة “الموقف الرياضي” السورية من عام 1987 ـ 1993

بالإضافة الى المساهمة في نشر العديد من المواد الصحافية في كل من مجلة “الدوحة” القطرية، و”الكويت” الكويتية، و”المجلة العربية” السعودية، وجريدة “الاتحاد” الإماراتية، ملحق صحيفة “الشرق” الثقافي القطرية، ناهيك عن كل من صحيفتي “الراية” و”الوطن” القطريتين. فضلاً عن صحف: “القدس العربي”، و”الزمان”، و”العربي الجديد”. وللبليخ عدد من الكتب المخطوطة، ومنها:

“عمّتي حصة”، مجموعة قصصية، و”سلاطين أهل الكذب”، و “من أوراق الغربة”، و”محطات للتأمّل”، وهي مجموعة مقالات ومدونات يتناول فيها الكاتب وقائع الحياة اليومية.

وكل ما نرجوه للزميل عبد الكريم البليخ، الذي يقيم في النمسا، دوام النجاح والتألق في هوايته وعمله الصحافي الذي يُجله ويعشقه ويفضله عن باقي الفنون.

 

تماضر الخنساء العلي