لكل السوريين

حليب الأم.. مواد آمنة وفيتامينات أفضل لمستقبل صحي للطفل

حاوره/مجد محمد

يمثل حليب الأم احتياج الطفل الكامل من الطعام والشراب، فما تمنحه الأم لطفلها عند إرضاعه رضاعة طبيعية لا يقدر بثمن ولا يستطيع أحد غيرها تقديمه، فحليب الثدي مصمم بشكل فريد لتلبية الاحتياجات الصحية للطفل في مرحلة النمو، وهو الغذاء المثالي للرضع، حيث إنه آمن لهم، كما أنه يعزز جهاز المناعة لدى الرضع، مما يسهم في حمايته من العديد من أمراض الطفولة الشائعة، كما يوفر حليب الأم كل الطاقة والمغذيات التي يحتاجها الرضيع في الأشهر الأولى من حياته، ويستمر في توفير ما يصل إلى نصف أو أكثر من احتياجات الطفل الغذائية بين عمر  ٦ أشهر و١٢ شهراً، وثلث احتياجات الطاقة بين ١٢ ٢٤ شهراً، لذا توصي منظمة الصحة العالمية واليونيسيف بالبدء المبكر بالرضاعة الطبيعية خلال ساعة واحدة من الولادة، والرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى من الحياة، وإدخال أغذية تكميلية صلبة كافية من الناحية التغذوية وآمنة في عمر ٦ أشهر، مع استمرار الرضاعة الطبيعية حتى عمر سنتين أو أكثر.

وبمناسبة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية الذي يصادف الأسبوع الأول من شهر آب/أغسطس في كل عام، عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الطبيب محمد المحمد أخصائي الأمراض النسائية وجراحتها، ودار الحوار التالي:

*دكتور محمد مرحباً بك بداية، متى ينصح بالبدء بالرضاعة الطبيعية، وهل هناك قلق من كمية الحليب القليلة بالبداية؟

أهلاً وسهلاً بك، يجب أن تبدأ الرضاعة الطبيعية في غضون الساعات القليلة الأولى من الولادة، من خلال السماح بوضع الطفل على صدر الأم (الجلد على الجلد) وإرضاعه، وفي بعض الحالات، يجب فصل الرضيع عن الأم لعدة ساعات أو حتى أيام بعد الولادة، لذا يوصى بضخ الثدي لتحفيز إنتاج حليب الثدي، وفي الأيام القليلة الأولى بعد الولادة، تنتج المرأة كمية صغيرة من الحليب السميك المصفر يسمى (اللبأ)، وهو غني بالعناصر الغذائية، ويوفر جميع السعرات الحرارية التي يحتاجها الطفل في الأيام القليلة الأولى، والقلق لابد منه حيث تشعر العديد من النساء بالقلق من أن أطفالهن لا يحصلون على ما يكفي من الحليب مباشرة بعد الولادة، خاصة عندما تنتج كميات صغيرة فقط من اللبأ، لكن لا داعي للقلق، حيث يولد الرضع ولديهم فائض من مخزون السوائل والسكر تستخدمها أجسامهم إلى أن يزداد إنتاج حليب الأم، لذلك أوصي باستمرار الرضاعة الطبيعية بشكل متكرر، لتنتج كمية أكبر من الحليب في غضون ثلاثة إلى خمسة أيام، وعادة ما يفقد الرضع الوزن خلال الأيام القليلة الأولى من الحياة، ويستعيدون هذا الوزن تدريجياً، بعد أسبوعين من الولادة.

*كيف تعلم الأم إنه حان وقت الرضاعة، وما هو عدد الرضعات ومدتها؟

تقوم الأم بإرضاع الرضيع بمجرد أن يبدأ في إظهار علامات الجوع مثل استيقاظ الرضيع من النوم وتحريك الرأس والفم للبحث عن ثدي الأم ومص اليدين، أو الشفتين، أو اللسان، والبكاء الشديد، ويدل على شدة الجوع، ولا أوصي بتأخير الرضاعة حتى بكاء الرضيع، أما بالنسبة لعدد الرضعات ففي أول أسبوع إلى أسبوعين، يرضع معظم الأطفال من ٨ إلى ١٢ مرة يومياً خلال٢٤ ساعة، أو على الأقل كل ساعتين إلى ثلاثة منذ بداية الرضعة السابقة، وكذلك يرغب بعض الرضع في الرضاعة بشكل متكرر، كل ٣٠ إلى ٦٠ دقيقة، بينما يجب إيقاظ الآخرين وتشجيعهم على الرضاعة، وخلال الأسبوع الأول من العمر، يجب إيقاظ الرضيع النائم لإرضاعه إذا مرت أربع ساعات منذ بداية الوجبة السابقة، ويختلف طول الفترة الزمنية التي يحتاجها الرضيع لإنهاء الرضاعة الطبيعية، خاصة في الأسابيع القليلة الأولى بعد الولادة، حيث يحتاج بعض الرضع إلى ٥ دقائق، بينما يحتاج البعض الآخر إلى ٢٠ دقيقة أو أكثر، وانا اوصي بالسماح للرضيع بالرضاعة الطبيعية ما دام يرغب في ذلك، وأوصي أيضاً بإرضاع الطفل من ثدي واحد في الجلسة الواحدة حتى الشبع، وذلك لأن الحليب المتدفق في نهاية جلسة الرضاعة يحتوي على نسبة دهون أعلى من المتوفرة في الحليب في بداية الرضاعة، مما يساعد الطفل على الشعور بالشبع والنوم.

*ما هي فوائد الرضاعة الطبيعية؟

بالنسبة للرضع، يحتوي حليب الثدي على الكمية المناسبة من الدهون والسكر والماء والبروتين والمعادن اللازمة لنمو الطفل وتطوره، وحليب الثدي أسهل في الهضم من الحليب الاصطناعي، كما أن الأطفال الذين يرضعون من الثدي يعانون من غازات أقل ومشاكل رضاعة وإمساك أقل، وكذلك يحتوي حليب الثدي على أجسام مضادة تحمي الأطفال من أمراض معينة (مثل: التهابات الأذن، والإسهال، وأمراض الجهاز التنفسي، والحساسية)، وأيضاً تقليل مخاطر الإصابة بالربو، وتقليل مخاطر الإصابة بالسمنة، وتقليل مخاطر الإصابة بالسكري النوع الأول، وتقليل مخاطر الإصابة بمتلازمة موت الرضيع المفاجئ، وكذلك تقليل مخاطر الإصابة بالتهاب الأمعاء والقولون للخدج.

*إذاً ما هي فوائد الرضاعة الطبيعية بالنسبة للأم؟

تسهل الرضاعة الطبيعية فقدان الوزن الذي اكتسب أثناء الحمل، وتقليل مخاطر الإصابة بضغط دم مرتفع، وتقليل مخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وكذلك تقليل مخاطر الإصابة بسرطان المبيض والثدي، وتساعد الرضاعة الطبيعية على إفراز الأوكسيتوسين والذي يساعد على انقباض الرحم وتقليل كمية الدم بعد الولادة.

*ما هي آلية إرضاع الطفل؟

الرضاعة الطبيعية تتطلب ممارسة، حيث يستغرق الأمر وقتاً لتحديد أفضل وضعية للإرضاع والتجشؤ، مع تقديم كلا الثديين، وتبديل الثدي بعد كل رضعة، فعند إمساك الثدي يجب تقريب جسم الرضيع ليكون مستوى أنفه قريباً من حلمة الثدي، وتدع الأم رأس الرضيع يميل للخلف قليلاً حتى تتمكن شفته العليا من التقاط حلمة الثدي، يجب أن يساعد ذلك على فتح فمه بشكل واسع، وعندما يفتح فمه، يجب أن يكون ذقنه قادراً على لمس الثدي أولاً، ورأسه مائلاً للخلف حتى يصل لسانه إلى أكبر قدر ممكن من الثدي، ومع لمس ذقنه بثبات لثدي الأم وأنفه واضح، يجب أن يكون فمه مفتوحاً، وهنا يجب أن تلاحظ الأم هالة الثدي فوق الشفة العلوية للطفل أكثر من أسفل شفته السفلية، وهذا افضل تفصيل لآلية الرضاعة.

*كيف تعلم الأم إن الرضيع قد رضع كمية كافية من الحليب؟

هنا يجب ان تلاحظ الأم أن خد الرضيع مستدير وليس مجوفاً أثناء المص، ويمكن سماع الابتلاع ورؤيته، ويكون الرضيع هادئاً ومرتاحاً أثناء الرضاعة، ويترك الثدي بمفرده عندما يكتفي، وبعد الرضاعة يكون الثدي أكثر نعومة والحلمات متشابهة (ليست مفلطحة أو مقروصة أو بيضاء)، وكذلك قد تشعر الأم بالنعاس والاسترخاء بعد الرضاعة، وفي أول ٤٨ ساعة من المحتمل أن يبلل الرضيع حفاضتين أو ثلاث حفاضات فقط، كما يجب أن تصبح الحفاضات المبللة أكثر تكراراً وذلك بمعدل ٦ حفاضات كل ٢٤ ساعة على الأقل من اليوم الرابع أو الخامس فصاعداً، والبدء في اكتساب الوزن بشكل ثابت بعد أول أسبوعين (من الطبيعي أن يفقد الأطفال جزءاً من وزنهم عند الولادة في أول أسبوعين)، وفي البداية يكون براز الرضيع بلون أسود يشبه القطران، أما بعد حوالي ٥ أو ٦ أيام يجب أن يتبرز الرضيع مرتين على الأقل، ويكون البراز أصفر ناعم، كما يتسم براز الرضع الذين يرضعون من الثدي ببراز سائل لا رائحة له.

*ختاماً، عادة ما نرى أن الأم تقوم بالطبطبة على ضهر الرضيع كي يتجشأ بعد إرضاعه أو إطعامه، ويقال إنه سبب ذلك كي لا يستفرغ الطفل، ما رأيك بهذا الخصوص؟

نعم التجشؤ ضروري جداً، فيعد تجشؤ الطفل جزءاً مهماً من إطعامه، فعند الابتلاع يمكن أن توجد فقاعات الهواء في بطنه وتسبب الكثير من الانزعاج، يجد بعض الأطفال سهولة في التجشؤ، بينما يحتاج البعض الآخر إلى المساعدة، ولا توجد قواعد بشأن موعد التجشؤ، فبعض الأطفال يحتاجون إلى التجشؤ أثناء الرضاعة، والبعض الآخر بعد ذلك، إذا بدا الطفل غير مرتاح أثناء الرضاعة فيفضل الحصول على استراحة صغيرة للتجشؤ، أما إذا بدا على ما يرام أثناء الرضاعة فيفضل الانتظار لحين الانتهاء، وتوجد طرق كثيرة للتجشؤ وليس فقط طبطبة على ضهر الطفل، فيمكن أيضاً على الكتف وذلك بوضع ذقن الطفل على الكتف، ودعم منطقة الرأس والكتف بيد واحدة، ثم فرك ظهره برفق والتربيت عليه، وأيضاً الاستلقاء على البطن فيتم استلقاء الطفل على رجل الأم ووجهه لأسفل، مع دعم ذقنه وتجنب الضغط على منطقة الحلق، واستخدام اليد للفرك أو التربيت برفق على ظهر الطفل حتر يتجشأ.